للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفيه: «أبدعوى الجاهلية، وأنا بين أظهركم؟!» (١).

قال أبو العباس: كل ما خرج عن دعوى الإسلام والقرآن؛ من نسب، أو بلد، أو جنس، أو مذهب، أو طريقة، فهو من عزاء الجاهلية، بل لما اختصم مهاجري وأنصاري؛ فقال المهاجري: يا للمهاجرين! وقال الأنصاري: يا للأنصار! قال : «أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم؟»، وغضب لذلك غضباً شديداً (٢) انتهى كلامه -رحمه الله تعالى-.

[الشرح]

قال المصنف : "باب: ما جاء في الخروج عن دعوى الإسلام" الدعوى، والدعوة، والدعاية، بمعنى واحد. وفي كتاب رسول الله إلى هرقل: «فَإِنِّي أَدْعُوكَ بِدِعَايَةِ الإِسْلَامِ» (٣). ونقيض دعوى الإسلام دعوى الجاهلية، وهي كل دعوة سوى دعوة الإسلام؛ كالمذاهب الباطلة، أو العصبية القبلية، أو القومية، أو الوطنية، ما أشبه ذلك من الأمور المنافية للإسلام.

قوله: ﴿هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا﴾ "المسلمون": اسم ومسمى، وليس مجرد اسم كالختم والعنوان على الإنسان، لا حقيقة تحته، بل يجب أن يكون اسماً على مسمى، فيكون حامل هذا الاسم ممتثلاً، مطبقاً، لما تضمنه هذا الاسم الشريف. والراجح من كلام المفسرين أنَّ معنى: ﴿وَفِي هَذَا﴾ أي: القرآن (٤)، فالله قد سمى أمة محمد مسلمين في الكتب السابقة، وسماهم مسلمين في هذا الكتاب.


(١) تفسير الطبري = جامع البيان ت شاكر (٦/ ٥٦).
(٢) بنحوه في السياسة الشرعية (ص: ١١٣)
(٣) (أخرجه البخاري في باب كيف كان بدء الوحي، برقم (٧)، وأخرجه مسلم في باب كِتَابِ النَّبِيِّ إِلَى هِرَقْلَ يَدْعُوهُ إِلَى الْإِسْلَامِ، برقم (١٧٧٣)
(٤) تفسير الطبري = جامع البيان ت شاكر (١٨/ ٦٩٢) وتفسير ابن أبي حاتم برقم (١٤٠٣٩) والوجيز للواحدي (ص: ٧٤٢)
وتفسير السمعاني (٣/ ٤٥٩).

<<  <   >  >>