للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الشرح]

هذا الحديث تفسير للآية المترجم بها للباب. وقد تقدم بيان معنى الفطرة، واختلاف الناس فيها.

قال النووي : (مَعْنَاهُ كَمَا تَلِدُ الْبَهِيمَةُ بَهِيمَةً "جَمْعَاءُ": بِالْمَدِّ أَيْ مُجْتَمِعَةُ الْأَعْضَاءِ، سَلِيمَةٌ مِنْ نَقْصٍ، لَا تُوجَدُ فِيهَا "جَدْعَاءُ" بِالْمَدِّ، وَهِيَ مَقْطُوعَةُ الْأُذُنِ، أَوْ غَيْرِهَا مِنَ الْأَعْضَاءِ. وَمَعْنَاهُ أَنَّ الْبَهِيمَةَ تَلِدُ الْبَهِيمَةَ كَامِلَةَ الْأَعْضَاءِ، لَا نَقْصَ فِيهَا وَإِنَّمَا يَحْدُثُ فِيهَا الْجَدْعُ وَالنَّقْصُ بَعْدَ وِلَادَتِهَا) (١)

وقال ابن القيم : (والله سبحانه قد أنعم على عباده، من جملة إحسانه ونعمه، بأمرين هما أصل السعادة: أحدهما: أن خلقهم في أصل النشأة على الفطرة السليمة، فكل مولود يولد على الفطرة، حتى يكون أبواه هما اللذان يخرجانه عنها، كما ثبت ذلك عن النبي ، وشبه ذلك بخروج البهيمة صحيحة، سالمة، حتى يجدعها صاحبها. وثبت عنه أنه قال: "يقول الله تعالى: إني خلقت عبادي حنفاء، فأتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم، وحرمت عليهم ما أحللت لهم، وأمرتهم أن يشركوا بي ما لم أنزل به سلطانا". فإذا تركت النفس وفطرتها، لم تؤْثر على محبة باريها وفاطرها وعبادته وحده شيئًا، ولم تشرك به، ولم تجحد كماله وربوبيته، وكان أحب شيء إليها، وأطوع شيء لها، وآثر شيء عندها، ولكن يفسدها من يقترن بها من شياطين الجن والإنس بتزيينه، وإغوائه، حتى ينغمس موجبها وحكمها) (٢)، وذكر الثاني.

[فوائد الحديث]

١ - أن الفطرة هي الدين القيم، وهو الإسلام.

٢ - أن جميع الخلق مولود على الفطرة الأصلية.

٣ - أن الانحراف عن الفطرة حادث بفعل خارجي.


(١) (شرح النووي على مسلم (١٦/ ٢٠٩)
(٢) (شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل: ٢/ ٩٥٤ - ٩٥٥

<<  <   >  >>