للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من مريد للخير لن يصيبه، إنَّ رسول الله حدَّثنا أنَّ قوماً يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم، وأيم الله ما أدري لعل أكثرهم منكم، تم تولى عنهم، فقال عمرو بن سلمة : رأينا عامة أولئك الحلق يطاعنوننا يوم النهروان مع الخوارج (١).

والله المستعان، وعلى التكلان.

وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

[الشرح]

مسك الختام لهذا الكتاب النافع، هذه القصة العجيبة، التي تعطينا فهماً تطبيقياً لمفهوم البدعة، فإن أبا عبد الرحمن، عبد الله بن مسعود ، من أجلة أصحاب النبي ، ومن أفقه الصحابة، وأقربهم هديًا، وسمتًا، ودلًا برسول الله حتى إنَّ كلامه يشتبه بكلام النبي ، فيقال: موقوف أو مرفوع؟ وكان أصحابه في الكوفة، يجتمعون عند بابه، قبل صلاة الفجر، ينتظرون خروجه ليصحبوه؛ لأنَّهم يستفيدون منه علماً، لا لمجرد الموكب والمتابعة، حتى إن أبا موسى الأشعري، على جلالة قدره، قصد بيته لأمر أقلقه وأزعجه، ليسأله، وهذا يدل على أدب الصحابة -رضوان الله عليهم-، وتقدير بعضهم لبعض، فأبو موسى يرجع إلى من هو أعلم منه، وأسبق إلى الإسلام، ولم يقل: كيف أرجع إلى صحابي مثلي؟ كما يجري أحياناً بين الأقران من طلبة العلم. فتفطن لها يا طالب العلم، ولا يحملنَّك علمٌ أصبته أن تترفع على إخوانك، أو ترى لنفسك فضلاً، أو تتحسس من النواحي الاعتبارية فتقول: لماذا قُدِّم فلان؟ ولماذا صُدِّر فلان؟ بل طهِّر قلبك، واعلم ﴿إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ﴾ [آل عمران: ٧٣]. فقص عليه أبو موسى ما رأى، وانتظر ما يكون منه، وهذا يدل على أنَّ


(١) أخرجه الدارمي في سننه برقم (٢١٠) وقال المحقق: حسين سليم أسد الداراني: "إسناده جيد".

<<  <   >  >>