للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الإنسان ينبغي أن يرجع إلى أهل العلم فيما أشكل عليه، فأرشده إلى ما كان ينبغي أن يقول، ولم يعنِّف عليه. قوله: "حتى أتى إحدى تلك الحلق، فوقف عليهم، فقال: ما الذي أراكم تصنعون؟ " ينبغي لمن أراد الإنكار أن يسأل أولاً، حتى يتبين، ويستنطق من وقع منه ذلك، فلعل في الأمر شيء لم يعلمه. قوله: "قالوا: يا أبا عبد الرحمن، حصى نعدُّ به التكبير والتهليل والتسبيح، قال: فعدوا سيئاتكم، فأنا ضامن أن لا يضيع من حسناتكم شيء" نعم وحُقَّ له أن يضمن؛ لأنَّ الله قال: ﴿يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً﴾ [آل عمران: ٣٠]، وقال: ﴿لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا﴾ [الكهف: ٤٩].

قوله: "ويحكم يا أمة محمد، ما أسرع هلكتكم؟! " أي: ما أسرع ما يدبُّ فيكم الهلاك. وهذا توبيخ.

قوله: "هؤلاء صحابة نبيكم متوافرون" أي: كثر بين ظهرانيكم، يسعكم أن تذهبوا وتسألوهم، أما أن تبتدئوا أمراً لم تُسبقوا إليه، وتحدثوا في الدين ما ليس منه، فلا عذر لكم. قوله: "وهذه ثيابه لم تبل، وآنيته لم تُكسر" أي العهد بالنبي قريب.

قوله: "والذي نفسي بيده إنكم لعلى ملة هي أهدى من ملة محمد، أو مفتتحو باب ضلالة! " أي أن صنيعكم لا يخلو من أحد احتمالين، ولا شك أنَّه الثاني، وأنَّهم قد افتتحوا باب ضلالة، وهي البدعة. فإن كل بدعة ضلالة. فقد كان الأمر واضحاً جلياً لدى فقيه الصحابة عبد الله بن مسعود، أنَّ هذا إحداث في الدين، ولو كان خيراً لسبق إليه أصحاب محمد .

قوله: "والله يا أبا عبد الرحمن ما أردنا إلا الخير" هذا عذر كل مبتدع، فحين تنكر على بعض المبتدعة إقامة الموالد، مثلاً، يقولون: ما أردنا إلا الخير، نريد أن نصلي على النبي ، ونوقره، ونتذكر سيرته، إلى آخره.

<<  <   >  >>