للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الشرح]

الحديث الأول: رواه الإمام أحمد، لكن إسناده ضعيف، وفي متنه نكارة، وقد اشتغل بعض الشراح بتوجيه معانيه بنوع تكلف، ولا محوج لذلك، وتغني عنه الآية المترجم بها للباب، وتقدم الكلام عنها.

الحديث الثاني: حديث عائشة : وقد تقدم الكلام عليه أيضًا في الباب الثاني.

وقد كان الصحابة -رضوان الله عليهم- شديدي التحرز والتحسس من البدع، فإذا رأوا بادرة بدعة بادروا بنبذها ونفيها، ومن أوضح الأمثلة على ذلك وأجلاها، ما رواه الآجري، وغيره عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ: أَنَّ رَجُلًا مِنْ بَنِي تَمِيمٍ يُقَالُ لَهُ: صَبِيغُ بْنُ عَسَلٍ، قَدِمَ الْمَدِينَةَ، وَكَانَتْ عِنْدَهُ كُتُبٌ، فَجَعَلَ يَسْأَلُ عَنْ مُتَشَابِهِ الْقُرْآنِ، فَبَلَغَ ذَلِكَ عُمَرَ فَبَعَثَ إِلَيْهِ وَقَدْ أَعَدَّ لَهُ عَرَاجِينَ النَّخْلِ، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ جَلَسَ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: مَنْ أَنْتَ؟ فَقَالَ: أَنَا عَبْدُ اللَّهِ صَبِيغٌ فَقَالَ عُمَرُ: وَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ عُمَرُ، ثُمَّ أَهْوَى إِلَيْهِ فَجَعَلَ يَضْرِبُهُ بِتِلْكَ الْعَرَاجِينِ، فَمَا زَالَ يَضْرِبُهُ حَتَّى شَجَّهُ، فَجَعَلَ الدَّمُ يَسِيلُ عَلَى وَجْهِهِ، فَقَالَ: حَسْبُكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَقَدْ وَاللَّهِ ذَهَبَ الَّذِي كُنْتُ أَجِدُ فِي رَأْسِي. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ: فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَمَنْ يَسْأَلُ عَنْ تَفْسِيرِ ﴿وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا فَالْحَامِلَاتِ وِقْرًا﴾ [الذاريات: ٢] اسْتَحَقَّ الضَّرْبَ، وَالتَّنْكِيلَ بِهِ، وَالْهِجْرَةَ؟! قِيلَ لَهُ: لَمْ يَكُنْ ضَرْبُ عُمَرَ لَهُ بِسَبَبٍ عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَلَكِنْ لَمَّا تَأَدَّى إِلَى عُمَرَ مَا كَانَ يَسْأَلُ عَنْهُ مِنْ مُتَشَابِهِ الْقُرْآنِ، مِنْ قَبْلِ أَنْ يَرَاهُ، عَلِمَ أَنَّهُ مَفْتُونٌ، قَدْ شَغَلَ نَفْسَهُ بِمَا لَا يَعُودُ عَلَيْهِ نَفْعُهُ، وَعَلِمَ أَنَّ اشْتِغَالَهُ بِطَلَبِ عِلْمِ الْوَاجِبَاتِ مِنْ عِلْمِ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ أَوْلَى بِهِ، وَتَطَلُّبُ عِلْمِ سُنَنِ رَسُولِ اللَّهِ أَوْلَى بِهِ، فَلَمَّا عَلِمَ أَنَّهُ مُقْبِلٌ عَلَى مَا لَا يَنْفَعُهُ، سَأَلَ عُمَرُ اللَّهَ تَعَالَى أّنْ يُمَكِّنَهُ مِنْهُ، حَتَّى يُنَكِّلَ بِهِ، وحَتَّى يُحَذِّرُ غَيْرَهُ؛ لِأَنَّهُ رَاعٍ يَجِبُ عَلَيْهِ تَفَقُّدُ رَعِيَّتِهِ فِي هَذَا، وَفِي غَيْرِهِ، فَأَمْكَنَهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنْهُ. وَقَدْ قَالَ عُمَرُ : سَيَكُونُ أَقْوَامٌ

<<  <   >  >>