للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يُجَادِلُونَكُمْ بِمُتَشابَهِ الْقُرْآنِ فَخُذُوهُمْ بِالسُّنَنِ، فَإِنَّ أَصْحَابَ السُّنَنِ أَعْلَمُ بِكِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى) (١).

فهذه السنة الراشدية العمرية نوعٌ من "الحجر الصحي" على أهل الأهواء، ومتبعي المتشابه، فإن خطرهم على الناس أعظم من خطر الجراثيم والفيروسات، التي تتخذ الدول حيالها حجراً صحياً، وتوزع الأمصال واللقاحات، لمنع انتشارها. فهؤلاء أحق بالحجر، والمدافعة، والممانعة، لأنهم يفسدون عقائد الناس، فلا يجوز أن يُمكَّنوا من اعتلاء المنابر، ونشر غثائهم، وإلحادهم، وكفرهم، وشكوكهم، لهذا طهَّر عمر مدينة رسول الله ، بل وجزيرة العرب من هذا الرجل، ونفاه إلى الكوفة، وكتب إلى أبي موسى الأشعري، أن لا يكلِّمه أحد، كما روى اللالكائي عن ابْنُ زُرْعَةَ عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: "لَقَدْ رَأَيْتُ صَبِيغَ بْنَ عِسْلٍ بِالْبَصْرَةِ، كَأَنَّهُ بَعِيرٌ أَجْرَبُ، يَجِيءُ إِلَى الْحُلَقِ، فَكُلَّمَا جَلَسَ إِلَى حَلَقَةٍ قَامُوا وَتَرَكُوهُ، فَإِنْ جَلَسَ إِلَى قَوْمٍ لَا يَعْرِفُونَهُ نَادَاهُمْ أَهْلُ الْحَلْقَةِ الْأُخْرَى: عَزْمَةُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ" (٢)

قال الحافظ ابن كثير : (قصة صبيغ بن عسل التميمي مع عمر مشهورة وكأنه والله أعلم إنما ضربه لما ظهر له حاله أن سؤاله سؤال استشكال لا سؤال استرشاد واستدلال كما قد يفعله كثير من المتفلسفة الجهال والمبتدعة الضلال فنسأل الله العافية في هذه الدنيا وفي المآل) (٣)

والمقصود من هذا الباب أن الإحداث في الدين، نوع من ابتغاء غيره، فعاقبته الرد وعدم القبول.


(١) الشريعة للآجري (١/ ١٦٦) وشرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة للالكائي (ص: ٦٣٥) ومسند الدارمي برقم (١١٤٦) ومسند الفاروق لابن كثير (٢/ ٦٠٦) والحجة في بيان المحجة (١/ ٢١٠) والاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار - ابن عبد البر (٥/ ٦٣).
(٢) (شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة: (٦٣٦)
(٣) (مسند الفاروق لابن كثير (٢/ ٦٠٦ - ٦٠٧)

<<  <   >  >>