للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾ التقدير: لا أحد أظلم، والمقصود في هذا المقام المعين؛ مقام الافتراء. فالمبتدع مفترٍ على الله، كأنَّما يقول للناس: هذا خبر الله فصدقوه، وهذا أمر الله فامتثلوه! بلا دليل، ولا أثارة من علم. ولا ريب أنَّ القول على الله بغير علم من أعظم المحرمات، كما قال تعالى: ﴿قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ﴾ [الأعراف: ٣٣] وهذا من باب الترقي حتى بلغ منتهاه.

الآية الثالثة قول الله تعالى: ﴿لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلا سَاءَ مَا يَزِرُونَ﴾ هذا من شؤم سعايتهم في الإضلال، فكل من ابتدع بدعة، فإنَّه يتحمل وزرها، ووزر من عمل بها.

[فوائد الآيات]

١ - أن البدعة العقدية أعظم من الكبائر؛ لعدم مغفرتها، وتناهيها في الظلم والإضلال، وتفاقم وزرها.

٢ - أن ما دون الشرك من الكبائر، تحت المشيئة والإرادة، خلافًا للوعيدية من الخوارج والمعتزلة.

٣ - عظم القول على الله بغير علم.

٤ - شؤم الابتداع، وسريان آثاره على صاحبه.

قوله: وفي الصحيح: أنَّه قال في الخوارج: ضرب المصنف مثلاً ببدعة مغلظة، وهي بدعة الخوارج، وهي أول بدعة ظهرت في الإسلام، حين مرقت مارقة على حين فرقة من أهل الإسلام، في أمر لا يتعلق بالاعتقاد، وإنَّما يتعلق بالولاية، فانقسم المسلمون إلى معسكر العراق، ومعسكر الشام، فخرجت الخوارج من جيش علي ، وانتحوا في موضع يقال له: حروراء، وأمَّروا عليهم أميراً، يقال له: عبد الله بن وهب الراسبي، ثم صاروا يقطعون الطريق على الناس، ويمتحنونهم، ويقتلون من لا يوافقهم،

<<  <   >  >>