للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فندب علي المهاجرين والأنصار إلى قتالهم، وقال: هؤلاء الذين أخبرنا عنهم رسول الله ، في قوله: «يَخْرُجُ فِيكُمْ قَوْمٌ تَحْقِرُونَ صَلَاتَكُمْ مَعَ صَلَاتِهِمْ، وَصِيَامَكُمْ مَعَ صِيَامِهِمْ، وَعَمَلَكُمْ مَعَ عَمَلِهِمْ، وَيَقْرَءُونَ القُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ» (١)، فرغم اجتهادهم في العبادة، وقيامهم، وصيامهم، إلا أنهم كانوا على ضلالة.

قوله: «أينما لقيتموهم فاقتلوهم» هذه دعوة لاستئصالهم، لأنهم عضو فاسد، ومادة خبيثة، لا بد من اجتثاثها؛ لأنَّ ضررها متعدٍ، يفسدون العقول، ويزهقون الأرواح، فلذلك شدد النبي في أمرهم، حتى أنَّه لا يوجد من النصوص في التحذير من فرقة كما يوجد في الخوارج. قال الإمام أحمد: "صح الحديث فيهم من عشرة أوجه" (٢).

قوله: «لئن لقيتهم لأقتلنهم قتل عاد» قال النووي : (أَيْ: قَتْلًا عَامًّا، مُسْتَأْصِلًا، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ باقية﴾ وَفِيهِ الْحَثُّ عَلَى قِتَالِهِمْ) (٣)

قوله: "وفيه: أنَّه نهى عن قتل أمراء الجور، ما صلوا" وذلك أنَّ النبي أخبر أصحابه بأنَّه سيلي عليهم أمراء، يعرفون منهم وينكرون، فقالوا له: يا رسول الله أفلا ننابذهم بالسيف؟ قال: «لا، ما صلوا» (٤)، فما داموا باقين على وصف الإسلام فلا يقاتلون. بخلاف الخوارج الذين ابتدعوا في الدين فإنه حض على قتالهم. فجمع المصنف بين هذين الدليلين ليبين أن البدعة أشد من الكبيرة. وهذا الحديث دليل على أنَّ ترك الصلاة مخرج عن الملة؛ لأنه عصم


(١) أخرجه البخاري في كتاب فضائل القرآن، باب إثم من راءى بقراءة القرآن أو تأكل به أو فخر به برقم (٥٠٥٨) ومسلم في كتاب الزكاة، باب ذكر الخوارج وصفاتهم برقم (١٠٦٤).
(٢) المبدع في شرح المقنع (٧/ ٤٧٠) وكشاف القناع عن متن الإقناع (٦/ ١٦١).
(٣) (شرح النووي على مسلم (٧/ ١٦٢)
(٤) أخرجه مسلم في كتاب الإمارة، باب وجوب الإنكار على الأمراء فيما يخالف الشرع، وترك قتالهم ما صلوا، ونحو ذلك برقم (١٨٥٤).

<<  <   >  >>