يرق له قلبه) (١)، والقرآن كله موعظة، كما قال الله: ﴿وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنذِرَكُمْ بِهِ﴾ [الأنعام: ١٩] وقال: ﴿وَأَنذِرْ بِهِ﴾ [الأنعام: ٥١] وقال: ﴿وَجَاهِدْهُمْ بِهِ﴾ [الفرقان: ٥٢]، فلا موعظة أعظم من موعظة القرآن والسنة. فينبغي للإنسان أن يستلين قلبه بين الفينة والأخرى، إذا تراكمت عليه الغفلة، كما قال تعالى: ﴿أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ *اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾ [الحديد: ١٦، ١٧]، فنبه على حياة القلوب بوحي السماء، بحياة الأرض بقطر السماء.
وطالب العلم يحتاج لذلك، فإن استغراق طالب العلم في بعض المسائل البحثية والفقهية أحياناً قد ينشأ عنه قسوة من جراء إعمال الذهن والعقل، وعدم استلانة القلب، فما أحوجنا إلى الموعظة.
قوله:"وجلت منها القلوب، وذرفت منها العيون" حبذا هذه الموعظة البليغة التي وعظ بها النبي ﷺ أصحابه. وفيض العيون من معين القلوب، كما قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا * وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا * وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا﴾ [الإسراء: ١٠٧ - ١٠٩]