للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إليه حال المسلمين في القرن الثاني عشر الهجري، من الجهل، والشرك، والبدعة؛ فقد رأى في بلاد الحرمين من صور الشرك والبدع المستوطنة، والوافدة مع أفواج العمار، والزوار، والحجيج، ما يحز في النفس؛ من دعاء غير الله، والاستغاثة بالأولياء والمقبورين، وكذلك الحال في البصرة، والأحساء وفي بلاد نجد، من البدع، والخرافات، والتعلق بالطواغيت، مما أيقظ في قلبه الرغبة في إحياء الدين، وتجديد التوحيد في حياة المسلمين.

فشرع في هذه المهمة العظيمة بالدعوة الصريحة، وجرى له محن وخطوب، حتى ساقه الله تعالى إلى بلدة الدرعية، فالتقى بالإمام محمد بن سعود، فتعاهدا وتعاقدا على نصرة الدين، ونشر التوحيد، ففتح الله عليهما في الجزيرة العربية، واستمر هذا التأثير يسري سريان النور في الظلماء في أرجاء العالم الإسلامي، فتأثر به أناسٌ كثر، ودعوا إلى توحيد رب العالمين.

وألّف الشيخ -رحمه الله تعالى- كتباً كثيرة، امتازت بالتأصيل، والوضوح، وسهولة العبارة، والتصنيف على طريقة السلف، فلم يكن يخلط كلام الله، وكلام نبيه بكلامه، بل كان يكتفي بوضع التراجم للأبواب، ثم يتبعها بذكر المسائل، كما وقع في (كتاب التوحيد)، وربما عقب تعقيبات يسيرة كما في هذا الكتاب.

أما المراسلات؛ فكان يكتب ويناقش ويجادل بالتي هي أحسن، ويورد الحجج، ويقمع الشبهات، فجاهد في الله تعالى جهاداً مبيناً، وأمدَّ الله تعالى في عمره، فكانت وفاته سنة (١٢٠٦ هـ) أي: أنَّه عاش إحدى وتسعين سنة، رحمة واسعة.

وهذا الكتاب الذي بين أيدينا، كتاب (فضل الإسلام) قصد مصنفه بيان حقيقة دين الإسلام، وفضله، ووجوب الدخول في عقده، والاستغناء به عما سواه، وتحريم الخروج عليه، وخطورة تبديل الفطرة التي فطر الله الناس عليها، وضرورة لزوم السنة، والتمسك بها كاملة، والتحذير من البدعة، وفضل الغربة، وإصلاح ما أفسد الناس.

وقد يسر الله شرحه في عدة مناسبات، في مجالس علمية متتالية، وجرى

<<  <   >  >>