للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مذاهب الناس فيها، على خمسة أقوال (١)، ملخصها:

١ - الإقرار بمعرفة الله، وهي العهد الذي أخذه عليهم في أصلاب آبائهم.

٢ - البداءة التي ابتدأهم عليها للحياة والموت، والسعادة والشقاء، إلى ما يصيرون إليه عند البلوغ.

٣ - السلامة خلقةً، وطبعًا، وبنية، والسذاجة التي ليس معها كفر ولا إيمان، ولا معرفة ولا إنكار.

٤ - طبعهم حين ابتداء خلقهم على الإنكار والمعرفة، وعلى الكفر والإيمان.

٥ - الإسلام، أي ابتدأ خلقهم على الإقرار به، ومحبته، والإخلاص له، والإنابة إليه، وإجلاله، وتعظيمه، واعتقاد المثل الأعلى له. وهذا قول عامة السلف، وقد نصره شيخ افسلام ابن تيمية، وتلميذه ابن القيم -رحمهما الله-، وبه نطق الكتاب، وصحت به الآثار، وعليه تفاسير السلف.

فلو خُلِّي الإنسان بينه وبين فطرته، ولم يتعرض لاجتيال شياطين الإنس والجن، لاهتدى إلى الإسلام، وليس المقصود من اهتدائه إلى الإسلام أن يعرف تفاصيل الشريعة، وإنَّما تقوده فطرته إلى الإيمان بإلهٍ، خالق، قادر، عليم، عليٍّ، غنيٍّ، رازق، مالك، مدبر، مستحق لصفات الكمال، ونعوت الجلال، مستحق للعبادة، والحب، والخوف، والرجاء، والتوكل، والتضرع، دون ما سواه.

قال ابن كثير في تفسير الآية: (فَسَدِّدْ وَجْهَكَ، وَاسْتَمَرَّ عَلَى الَّذِي شَرَعَهُ اللَّهُ لَكَ، مِنَ الْحَنِيفِيَّةِ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ، الَّذِي هَدَاكَ اللَّهُ لَهَا، وَكَمَّلَهَا لَكَ غَايَةَ الْكَمَالِ، وَأَنْتَ مَعَ ذَلِكَ لَازِمْ فِطْرَتَكَ السَّلِيمَةَ، الَّتِي فَطَرَ اللَّهُ الْخَلْقَ عَلَيْهَا، فَإِنَّهُ تَعَالَى فَطَرَ خَلْقَهُ عَلَى مَعْرِفَتِهِ وَتَوْحِيدِهِ، وَأَنَّهُ لَا إِلَهَ غَيْرَهُ، كَمَا تَقَدَّمَ عِنْدَ


(١) (انظر الباب الموفي ثلاثين من شفاء العليل: ٣/ ١٣٨٧ - ١٤٧٦، ت: د. أحمد الصمعاني، د. علي العجلان، ط: دار الصميعي. الأولى ١٤٢٩ هـ

<<  <   >  >>