للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

بمخالفة القوم (هـ/٣٦) في اعتبار الصفات تصور وتقصير. فإنْ قلتَ: هل يُمكِن الجمع بين كلامهم حيث لم يعتبروا أوصاف نَقَلتهم، وكلامِ الشارح حيث اعتبرها؟ قلتُ: نعم، بارتكاب التخصيص؛ بأنْ يُحمل كلامُ القوم على ما إذا وُجِد العددُ والكثرةُ السابقة، فإن فُقدت تلك الكثرة قامت مقامَها الأوصافُ [العالية] (١) التي يُؤْمَن التواطؤ على الكذب معها عادةً؛ ولذا حمَلْنا كلامه على أنَّ الشرط عنده أحد الأمرين، أو بارتكاب أنَّه قاس وجود الصفات العالية التي يحصل معها العلْم الضروريُّ ويَرتفِع معها احتمالُ التواطؤ على الكذب عادةً على وجود تلك الكثرة في ذلك قياسًا أخرويًّا. فإنْ قلتَ: يَتَّجِهُ على اعتبار الأوصاف العالية أنَّه إذا خالف أحدٌ من أرباب المذاهب كمالك والشافعي حديثًا وُجدت في نقَلَته تلك الأوصافُ دون الكثرة المشار إليها: أنْ يكون في ذلك مخالفةً للمتواتر المفيد للعلْم الضروريِّ؛ فيلزم مخالفة مثل أبي حنيفة للعلْم الضروريِّ، وهو غير لائق بمقاماتهم؟ قلتُ: تَوَهُّمُ لزومِ ما ذكرتَ ظاهرٌ، ويمكن الجواب بمَنع كونِه عنده كذلك وقت المخالفة، وهو كافٍ في تسويغها، وبمَنع وقوع مخالفة أحد منهم لما ثبت في نقلته تلك الأوصاف حال المخالفة، وبفرض وجود أوصاف عالية نَمنَع أنَّها ممَّا يقوم مقام تلك الكثرة في حصول العلم الضروريِّ لسامعه. فإنْ قلتَ: قد يتوجه على الشارح ما أورده شيخ أستاذنا على القوم في اعتبارهم الكثرةَ (أ/٢٩) المشارَ إليها من أنَّ قضية كلامهم: أنَّ الأربعة الأئمة إذا رَوَوْا حديثًالم يشاركهم فيه غيرُهم لم يكن متواترًا، وإنْ صلح التواتر [و] (٢) أنَّ السُّوقة إذا رَوَوْهُ بالِغينَ الكثرة كان متواترًا؟


(١) في (هـ): [الغالبة].
(٢) زيادة من (هـ).

<<  <  ج: ص:  >  >>