للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومُقْتَضاهُ: أَنَّهُ إِذا خَالَفَ، فَوُجِدَ حديثُهُ أَزْيَدَ، أَضرَّ ذلك بحديثِهِ، فدلَّ على أَنَّ زيادةَ العَدْلِ عندَه لا يلزَمُ قَبولُها مُطْلقًا، وإِنَّما تُقْبَلُ مِنَ الحافِظِ؛ فإِنَّهُ اعْتَبَرَ أَنْ يكونَ حَديثُ هَذَا المُخالِفِ أَنْقَصَ مِن حديثِ مَنْ خالَفَهُ مِن الحُفَّاظِ، وجَعَلَ نُقْصانَ هذا الرَّاوي مِن الحديثِ دَليلًا على صحَّتِهِ؛ لأنَّه يَدُلُّ على تَحَرِّيهِ، وجَعَلَ ما عَدا ذلك مُضِرًّا بحديثِهِ، فدَخَلَتْ فيهِ الزِّيادةُ، فلَوْ كانتْ عندَه مَقْبولةً مُطْلقًا؛ لم تَكُنْ مُضِرَّةً بحديثِ صاحِبِها، واللهُ أَعلمُ.

[قوله] (١): «ومُقْتَضَاهُ»:

أي: نَصِّ الشافعيِّ، وضمير «أنَّه» للراوي، ومراده بـ «مقتضاه»: ظاهرُ دَلالته، أو قضيته المفهومة منه لا دلالة اقتضائية؛ لعَدَم تأتِّيها هنا؛ إذ هي: دَلالةُ اللفظ على ما يَتَوَقَّفُ عليه صِدقُ الكلام أو صِحَّتُه] عقلًا] (٢) أو شرعًا، فالأول كما في حديث: «رُفِعَ عن أُمَّتي الخطأُ والنِّسيانُ» (٣) أي: المؤاخذةُ بها؛ لتوقُّفِ صِدقِه على ذلك لوقوعهما، والثاني كما في قوله تعالى: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ] {يوسف: ٨٢}، أي: أهْلَها؛ إذ القريةُ -وهي الأبنية المجتمعة- لا يصح سؤالُها عقلًا، والثالث كما في قولك لمالكِ عبدٍ مثلًا: اعتق عبْدَك عنِّي، ففعَلَ؛ فإنه يصح عِتقُه عنك، إذ المعنى: مَلِّكه لي فأُعْتِقَه عني؛ لتوقُّفِ صحة العتق على المِلك، وإنما تَحْمِلُه عليك؛ لأنَّك قد عَرَفْتَ أنَّه لا يتوقف صِدقُه ولا صحته على إضمار شيء؛ فتدبَّرْهُ، قاله (هـ) (٤).


(١) زيادة من: (أ) و (ب).
(٢) في (ب) و (هـ): [عقا].
(٣) سبق تخريجه.
(٤) قضاء الوطر (٢/ ٨٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>