للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومَنْ أَرَادَ لذَلكَ ضابِطًا كُلِّيًّا يمتازُ بهِ أَحدُهما عنِ الآخَرِ، فبِاخْتِصاصِهِ؛ أَي: الشيخِ المَرْويِّ عنهُ بأَحَدِهِما يَتَبَيَّنُ المُهْمَلُ.

ومَتَى لم يَتَبَيَّنْ ذَلكَ، أَو كَانَ مُختَصًّا بِهِما مَعًا، فإِشْكالُهُ شَديدٌ، فيُرْجَعُ فِيهِ إِلى القَرَائنِ، والظَّنِّ الغالِبِ.

وإِنْ رَوَى عن شيخٍ حَديثًا، فجَحَدَ الشيخُ مَرْوِيَّهُ:

فَإِنْ كَانَ جَزْمًا -كأَنْ يقولَ: كَذِبٌ عَليَّ، أَو: ما رَوَيْتُ هَذَا، أَو نَحْوَ ذَلكَ- فَإِنْ وَقعَ منهُ ذَلكَ، رُدَّ ذَلكَ الخبرُ؛ لِكَذِبِ وَاحِدٍ منهُما، لا بِعَيْنِهِ.

ولَا يَكُونُ ذَلكَ قادِحًا في واحدٍ منهُما للتَّعارُضِ.

أَوْ كَانَ جَحَدَهُ احْتِمالًا، كأَنْ يَقُولَ: ما أَذْكُرُ هَذَا، أَو: لَا أَعْرِفُهُ، قُبِلَ ذَلكَ الحَديثُ في الأصَحِّ؛ لأَنَّ ذَلكَ يُحْمَلُ على نِسْيانِ الشَّيخِ. وَقيلَ: لا يُقْبَلُ؛ لأنَّ الفَرعَ تَبَعٌ للأصلِ في إِثْبَاتِ الحَدِيثِ، بحَيْثُ إِذا ثَبَتَ أَصلُ الحَدِيثِ، ثَبَتَتْ رِوَايةُ الفَرْعِ، فَكَذلكَ يَنْبَغي أَنْ يَكُونَ فرعًا عَلَيْهِ، وتَبَعًا لهُ في التَّحقِيقِ.

قوله: «يَمْتَازُ بِهِ أَحَدُهُمَا»: أي: يُعرف به تميِيز أحدهما عن الآخر. وقوله: «فباختصاصه أي: الراوي» في نسخة: «أي: الشيخ المروي عنه»، وغالب ظنِّي أنَّها الصواب كما أشرنا إليه آنفًا، ثُمَّ رأيتُ (ق) (١) قال في قول الشارح «فباختصاصه»: «هذا الضمير يرجع إلى غير مذكور، وتقدَّم ذِكْر الراوي؛ فيوهِم عودُه إليه فصار المَحِل قَلِقًا، وكان حقُّه أنْ يقول: فباختصاص أحدهما بالمروي عنه يَتَبيَّن، والله أعلم» انتهى. ويؤيد (٢) ما في بعض النسخ كما ذَكَرنا، وبيان العَلاقة ما أشرنا إليه آنفًا، وهو أنَّه مع كونه روى عنهما جميعًا بالفعل كيف يتأتى اختصاصه بأحدهما؟ وقد يُعتذر عنه بما سلَف، قاله (هـ) (٣).


(١) حاشية ابن قطلوبغا (ص ١٢٦).
(٢) في (ب): [وهو ويؤيد].
(٣) قضاء الوطر (٣/ ١٤١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>