للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَهَذا مُتَعَقَّبٌ بأَنَّ عَدالَةَ الفرعِ تَقْتَضي صِدْقَهُ، وعَدَمُ عِلْمِ الأصلِ لا يُنافِيهِ، فالمُثْبِتُ مُقدَّمٌ على النَّافِي.

وأَمَّا قياسُ ذَلكَ بالشَّهادَةِ، فَفَاسِدٌ؛ لأنَّ شَهادةَ الفرعِ لا تُسْمَعُ مَعَ القُدْرةِ على شَهَادةِ الأَصْلِ بخلافِ الرِّوَايةِ، فَافْتَرَقَا.

وَفِيهِ -أَيْ: وفي هَذَا النَّوعِ- صَنَّفَ الدَّارقطنيُّ كِتابَ «مَنْ حَدَّثَ ونَسِيَ».

وَفِيهِ ما يَدلُّ على تَقْوِيَةِ المَذْهبِ الصَّحيحِ؛ لكَوْنِ كثيرٍ مِنهُمْ حَدَّثوا بأَحاديثَ أَوَّلًا، فَلمَّا عُرِضَتْ عَلَيهِمْ، لَمْ يَتذكَّروها، لكنَّهُم -لاعْتِمادِهمْ على الرُّوَاةِ عَنْهُم- صَارُوا يَرْوونَها عَنِ الَّذينَ رَوَوْها عَنْهُم عَنْ أَنْفُسِهِمْ.

كَحَدِيثِ سُهَيْلِ بْنِ أَبي صَالحٍ، عَنْ أَبيهِ، عن أَبي هُرَيرةَ -مرفوعًا- في قِصَّةِ الشَّاهِدِ واليَمِينِ.

[قوله] (١): «وهذا»:

أي: التعليل، «مُتَعَقَّبٌ» أي: مُعْتَرَضٌ ... إلخ، لا يخفى أنَّ مثل هذا يجري فيما إذا حصل التكذيب من الأصل جزمًا، فيُقال: إنَّ عدالة الفرع تقتضي صِدْقَه، وتكذيب الأصل لا يُنافيه؛ لاحتمال نسيانه، ويُجَابُ بأنَّ: الجَزْم بالتكذيب يَدْفَع نسيانه ويُبْعِده، بخِلاف عَدَمِ الجَزْم به.

وقال (هـ/١٩٥) (ق) (٢): «وقوله: «والمُثْبِتُ مُقَدَّمٌ على النَّافي» في هذا ليس بجيِّدٍ؛ لأنَّ في مسألة تكذيب الأصل جزمًا: الأصلُ نافٍ والفرعُ مُثْبِتٌ، وليس الحكم فيها للمُثْبِت بل للنافي؛ فالحق أنْ يقول: لأنَّ المُحَقَّق (أ/١٦٧) مقَدَّمٌ


(١) زيادة من: (أ) و (ب).
(٢) حاشية ابن قطلوبغا (ص ١٢٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>