للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حاكم المدينة بضعة أشهر (١). يقول في ذلك: "ثم أخرجنا على جهة التغريب، فصرنا إلى حصن القصر، ولقينا صاحبه أبو القاسم عبد الله ابن هذيل التجيبي المعروف بابن المقفل، فأقمنا عنده شهورا في خير دار إقامة، وبين خير أهل وجيران، وعند أجل الناس همة، وأكملهم معروفا، وأتمهم سيادة" (٢).

ثم هاجر ابنُ حزم إلى بلنسية (٣)، وتقلبت به أمور السياسة، إلى أن ألقى عصا التَّسيار في قرطبة. وانقطع للعلم، ونَبَذَ السياسة، وزهد في الوزارة. لكنه لم يلبث إلا قليلا حتى عاود الرحلة مضطرا كارها، إذ أخرجه قومه، وقد سَفَّهَ أحلامهم، وخالف آراءهم، ونسبهم إلى التقليد، وهو في كل ذلك مُقْذع في الِحجَاج، لاذع في الاعتراض: "حتى استُهدف إلى فقهاء وقته، فَتَمَالؤُوا على بغضه، ورد أقواله، فأجمعوا على تضليله، وَشَنَّعُوْا عليه، وحذَّروا سلاطينهم من فتنته ... وطفق الملوك يُقصونه عن قُربهم، ويُسَيِّرُونَه عن بلادهم" (٤).

فخرج إلى شاطبة، ثم تنقل بين مدن الأندلس، فزار قلعة البونب، ودخل جزيرة ميورقة، وكان واليها أحمد بن رشيق (٥) محبا للعلم وأهله


(١) انظر: طوق الحمامة ضمن رسائل ابن حزم (ج ١/ ص ٢٦١).
(٢) انظر: طوق الحمامة ضمن رسائل ابن حزم (ج ١/ ص ٢٦٢).
(٣) انظر: طوق الحمامة ضمن رسائل ابن حزم (ج ١/ ص ٢٦٢).
(٤) انظر: الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة (ق ١/ ج ١/ ص ١٦٧).
(٥) أحمد بن رشيق الكاتب أبو العباس قال الحميدي في ترجمته: " ... فكان ينظر في أمور الجهة التي كان فيها نظر العدل والسياسة، ويشتغل بالفقه والحديث، ويجمع =