للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم تناقضوا في ذلك فأسقط أبو يوسف عن المؤذن الإنصات للخطبة مع خلافهم السنة، برأيهم في أمر من دخل يوم الجمعة والإمام يخطب بأن يركع ركعتين، فقالوا: وأين الإنصات، فراعوا الإنصات حيث لا تجب مراعاته، ولم يُرَاعُوهُ حيث تجب مراعاته (١).

وقالوا: بإجازة تنكيس الطواف بالبيت، وهو خلاف جميع أهل الإسلام قطعا، لأنه لم يزل أهل الإسلام يطوفون بالبيت في الحج والعمرة، وتطوعا في كل عام جيلا بعد جيل من أول الإسلام إلى يومنا هذا، فما منهم من أحد نكس طوافه قطعا (٢).

وقالوا: بجواز تنكيس الأذان والإقامة، وهذا خلاف إجماع أهل الإسلام (٣) قطعا بيقين، لأنه لم يزل المسلمون في كل مسجد في كل قرية، وكل مدينة وكل حَلَّة (٤) من شرق الأرض إلى غربها، إلى جنوبها إلى شمالها مذ نزل الأذان إلى يومنا هذا، ما كان مؤذن قط في العالم


(١) انظر: الهداية (ج ١/ ص ٩١) وبدائع الصنائع (ج ١ / ص ٢٦٣ - ٢٦٤) واللباب في شرح الكتاب (ج ١ / ص ١١٣).
(٢) حكي المؤلف في المحلى (ج ٢/ ص ٦٧) نحو هذا عن الحنفية ثم قال: " ... وأما أبو حنيفة، فإنه أطرد قولا، وأكثر خطأ، والقوم أصحاب قياس بزعمهم فهلا قاسوا ذلك على ما اتفق عليه من المنع من تنكيس الصلاة؟ ، على أنه قد صح الإجماع في بعض الأوقات على تنكيس الصلاة وهي حال من وجد الإمام جالسا أو ساجدا، فإنه يبدأ بذلك وهو آخر الصلاة، وهذا ما تناقضوا فيه في قياسهم".
(٣) في (ت): "وهذا خلاف الإجماع".
(٤) الحَلَّة: الجهة والقَصْد: انظر القاموس (ص ١٢٧٤).