للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقولوا: يا عباد الله، كيف لا تسوء الظنون بقوم هذه مقالاتهم في دينهم؟ أم كيف لا يعذر سلفنا الطيب من أئمة أصحاب الحديث فيما قد قالوه في أبي حنيفة وأصحابه، إذ سمعوا هذه الأقوال الملعونة؟ ونسأل الله العافية مما ابتلاهم به آمين.

وقالوا: جائز أن يكون إنسان واحد ابن أمتين، كل واحدة منهما قد ولدته، وهذا لا نقول فيه أنه خلاف إجماع الصحابة -رضي الله عنهم- (١) فقط، ولا أنه خلاف أهل الإسلام فقط، بل هو بلا شك خلاف كل من على وجه الأرض من مؤمن وكافر، وخلاف الملائكة والجن، فإن قالوا: لسنا نقول أن كل واحدة منهما ولدته، لكن نحكم لكل واحدة منهما في الميراث والنفقة والبر بحكم أمه - قلنا لهم: أخبرونا عن حكمكم هذا أهو حق، لأن كل (٢) واحدة منهما أمه، أم لأن فيهما من ليست أمه بلا شك؟ ولا بد من أحد الوجهين ضرورة، فإن قالوا: هو حق لأن كل واحدة منهما أمه التي ولدته، قلنا: هذا الذي أنكرناه عليكم، والذي دفعتم عن أنفسكم قد صرتم إليه، وإن قالوا: بل لأن منهما (٣) من لم تلده، ولا هي أمه، قلنا: فقد أقررتم أنكم حكمتم بالباطل، وحكمتم لغير الأم بأنها أم، . وفي هذا كفاية.

وقالوا: من تزوج أمه وابنته وأخته، وهو عالم بنسبهن وعالم


(١) سقط لفظ الترضي من (ت).
(٢) في (ت): "لأنَّ ثم".
(٣) في (ش): "فيهما".