للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ينتقل إليه حكم النجاسة، بل هي قضية فاسدة باطلة (١)، إذ لو كان ذلك لما زالت النجاسة أبدًا، لأنَّه كان الماء الذي يلاقيها يتنجس بملاقاتها، فكيف تزال النجاسة بالماء النجس؟ بل الماء الذي تزال به النجاسات طاهر مطهر، ولولا ذلك ما طهر النجاسات، إلا أن تظهر فيه عين النجاسة، فيكون حينئذ حرامًا غير مطهر للنجاسة، ولا بد من ماء آخر مطهر للنجاسة، مزيل لها جملة، ولا يظهر فيه عينها. ثم وجه ثالثٌ وهو أن قولهم: وجب أن ينتقل حكم الحدث إلى الماء الذي يرفع به الحدث أحمق كلام على وجه الأرض، ولا يعقله أحد، ولا يفهم له معنى، لأن الحدث هو الذي تنتقض به الطهارة بعد صحتها، فكيف ينتقل هذا الحكم إلى الماء؟ هذا جنون! والحدث إنما هو خروج أشخاص، من الجسد، أو عمل موصوف، أو حال محدودة، ومن المُحَالِ الذي لا يفهم أن يكون مَاءٌ لم يخرج من الجسد حدثًا! ! ! وقائلُ هذا الكلام نشهد بشهادة الله الذي لا إله إلّا هو أنَّه فاسد الدماغ، أو ممخرق (٢) بما يدري أنّه باطل لرقة دينه. ثم وجه رابع: وهو: أنَّ الماء الذي توضأ به يد المسلم المتوضئ التام الطهارة، يصير حرامًا استعماله عندهم في التطهر، ولم يرفع به حدث قط.

ثم إذا قاسوا هذا القياس السخيف البارد، وتركوا أصح قياس على ظهر الأرض لو كان القياس حقا، وهو أن يقاس الماء الذي يؤدى به


(١) فى النسختين: "باطل".
(٢) من التخرق وهو لغة في التخلق: وهو الكذب انظر مختار الصحاح مادة خرق (ص ١٣٤).