للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعلمتم ضرورةً، أنَّ كُلَّ دابة ماتت، فلا دم لها بعد موتها، وإنما لها دم في حياتها فقط، فقد صار الدم الذي جعلتم علامة للنجاسة، وموجبا للتنجيس إنما لم ينجس إذا عُدم وبَطل، لا إذا وجد وحسبنا الله ونعم الوكيل، ونسأل الله تعالى سلامة الأديان والعقول.

فإن ادَّعوا إجماعًا في الفرق، كذبوا، لأن الشافعي في أشهر قوليه يرى كُلَّ ما مات في المائعات مما لَهُ دَمٌ سائل، أو غير سائل، أو لا دم له، فإنه ينجسها حاشا، ما كان حلالا بغير تذكية كالسمك والجراد (١)، فإن قالوا: لم يقل هذا أحد قبله، قلنا: ولا قسَّم أحدٌ قطُّ هذه التقاسيم قبلكم؛ فما الفرق؟ !

ولم يقيسوا (٢) ما شرب فيه الحَنَشُ (٣)، وكُلُّ طائر لا يؤكل لحمه من البُزاة والصُّقور والعُقْبان والأحدية، على ما يشرب فيه سِبَاعُ ذوي الأربع، وقد روى الطحاوي عن أحمد بن عبد الله الكندي (٤) عن علي ابن معبد (٥)، عن محمد بن الحسن عن أبي يوسف أنه سأل أبا حنيفة


(١) انظر: المجموع للنووي (١/ ١٢٧) والمحلى (١/ ١٣٤).
(٢) في النسختين: "ولم تقيسوا".
(٣) الحنش - بفتحتين: كل ما يصاد من الطير والهوام والجمع: الأحناش. والحنش أيضا: الحية وقيل الأفعى. وانظر: مختار الصحاح مادة حنش (ص ١٢٢).
(٤) أحمد بن عبد الله بن محمد أبو علي اللجلاج الكندي الخراساني، حدث بأحاديث مناكير لأبي حنيفة، وهي بواطيل عن أبي حنيفة، ولا يعرف أحمد بن عبد الله هذا إلا بهذه الأحاديث. انظر: تاريخ بغداد (٤/ ٢٢٦) ولسان الميزان (١/ ١٩٩).
(٥) علي بن معبد بن شداد العبدي أبو الحسن بن عبيد الله بن عمرو الرقي وعتاب بن بشر ومالك والليث وابن عيينة ومحمد بن الحسن الفقيه وطائفة وعنه يحيى بن معين ويونس =