للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عن الفرق في هذا بين سباع الطير، وسباع ذوات الأربع، فقال له أبو حنيفة: "أما في القياس فهما سواء، ولكني أستحسن في هذا".

قال أبو محمد رحمه الله تعالى (١): أف لهذا الورع؛ وَتَبًّا لهذا العمل في الدين، والله قسمًا برًّا، لئن كان القياس حقا، فما يحل استحسانُ تركه، ونعوذ بالله تعالى من ترك الحق؛ ولئن كان باطلا، كما أنه عند الله تعالى باطلٌ - فما يحلُّ القول به، ونعوذ بالله تعالى من القول بالباطل.

ثم إن بعض من ابتلي بتقليده من متأخريهم قال: "إنما كان ذلك، لأنه لا يُستطاع أن يُتحفَّظ من سباع الطير فكانت كالسِّنَّور".

قال أبو محمد رحمه الله تعالى (٢): فكان هذا التخريج برهانا قاطعا على عدم الحياء من وجه قائله، لمُجَاهرته بالكذب الفاضح، تالله ما علمنا قط في العالم من ولغ في إنائه عُقاب؛ أو حَدَأَةٌ، أو بازي، أو صقرٌ، وأما مَنْ ولغ في إنائه حَنَش، فيكاد أن يكون وجوده كوجود بيض الأنواق (٣)، وإن ولوغ الفأر لقريب منه.


= ابن عبد الأعلى ودُحَيم، وأبو عبيد القاسم بن سلام وخلق. وثقه أبو حاتم وابن حبان أخرج له أبو داود والنسائي، توفي سنة ٢١٨ هـ انظر: تهذيب التهذيب (٤/ ٢٤١ - ٢٤٢) والتقريب (ص ٤٠٥) والخلاصة (ص ٢٧٧ - ٢٧٨).
(١) سقط لفظ الترحم من (ت).
(٢) سقط لفظ الترحم من (ت).
(٣) يقال هو أعز من بيض الأنوق: والأنوق: العقاب ومعنى ذلك أن العقاب تحرز بيضها =