للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولو قال قائل: إن أهل البادية وأصحاب الصيد؛ لا يُمكنهم التحفظ من ولوغ الكلب في في آنيتهم لصدقوا أو لصدق، فاعجبوا واحمدوا الله تعالى على السلامة، واسألوه العافية مما ابتلاهم به.

وهم يقولون: إن بول الإبل يُنَجِّسُ ما وقع فيه (١)، ولقد أخبرني من لا أمتري في صحة حديثه، وثُقُوبِ معرفته من أهل الإبل، أنه لا سبيل ألبتة إلى التحفظ من أن يقع في ألبان الإبل عند حلبها بَوْلُها، فلو قَلَبَ هؤلاء القوم مذاهبهم لأصابوا! !

وقاسوا لحم البغل في التحريم على لحم الحمار، والبغل ليس حمارًا؛ وقد صَحَّ عن الزُّهري إباحة لحم البغل، وتحريم لحم الحمار؛ وإنما أوردناه لئلا يبادروا إلى دعوى الإجماع في التسوية بينهما، ولم يقيسوا ما أسكر من نبيذ التين، ونقيع العسل على ما أسكر من نبيذ الزبيب، ونبيذ التمر؛ ولا قاسوا ما طبخ من نبيذ الزبيب، ونبيذ التمر على ما طبخ من عصير العنب، إذ حدوا في طبيخ عصير العنب ذهاب الثلثين، ولم يحدوا ذلك في طبيخ نبيذ الزبيب ونبيذ التمر.

وقالوا: من كان عنده في السفر إناآن من ماء، أحدهما نجس لا يدريه بعينه، ففَرْضٌ عليه هرقهما والتيمم؛ ولا يحل له التحري في أحدهما فيتوضأ به، ومن كان معه في السفر والحضر ثوبان أحدهما


= فلا يكاد يظفر به، لأن أوكارها في القلل الصعبة، انظر: القاموس مادة الأنق (ص ١١١٧). وهذا المثل يُضرب في الشيء النَّادر الذي لا يُظْفَرُ به.
(١) هذا القول في: تبيين الحقائق (١/ ٧٣) وبدائع الصنائع (١/ ٦١) والمحلى (١/ ١٨٠).