للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نجس لا يدريه بعينه، ففرضه أن يتحرى في أحدهما فيصلي فيه (١)؛ وكذلك لو وجد شاتين: إحداهما ذبيحة وثني أو ذبيحة عيار (٢) بعد أن ماتت لا يشك في ذلك، والأخرى ذَكِيَّةٌ؛ فإن له أن يتحرى في إحداهما فيأكلها؛ ولم يقس (٣) الثوبين والشاتين على الإنائين، فاحتج بعضهم في ذلك بأن قال: الفرق بين الإنائين وبين الثوبين، وبين الشاتين هو أن الثوب الذي فيه النجاسة كقدر الدرهم البغلي فأقل تجوز الصلاة فيه، وإن وجد غيره، ولا يجوز الوضوء بِمَاءٍ فيه نَجَاسَةٌ قلت أو كثرت؛ فقلنا: كَذَبَ قائلُ هذا، وعَكَسَ الصواب، بل الماء الذي لا تظهر فيه النجاسة حلال شربه والوضوء به؛ وأما الثوب الذي تُوقَنُ فيه النجاسة فالصلاة فيه حرام قلت أو كثرت، ثم هبكم كما ذكرتم؛ فكان ماذا؟ ! ومن أين وجب من ذلك أن يتحرى في الثوبين والشاتين، ولا يتحرى في الإناءين؛ وهو موقن أن في أحد الثوبين، قدر نصفه نجاسة غير ظاهرة العين؟ ! !

وكيف تقولون في الشاة الميتة أيحل أيضا منها القليل، أو كيف الأمر؟ ! ألا حَيَاءَ من الله تعالى في مثل هذا التمويه البارد؟ ! !

ولم يقيسوا حكم مَنْ ذكرنا ممن بين يديه في السفر إناآن: أحدهما نجس لا يعرفه بعينه، على من بين يديه ثلاثة آنية فيها ماء أحدهما:


(١) انظر: المجموع (١/ ١٨٠) والبحر الزخار (٢/ ٣٩).
(٢) العيار: الكثير المجيء والذهاب، والذكي الكثير التطواف، وانظر القاموس مادة عير (٢/ ٩٨).
(٣) قوله: "ولم يَقِسْ" مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِه: " ... من كان عنده ... ".