للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وسَبُع وحمار وغير ذلك حاشا جلد الخنزير فقط، فلم يقيسوه على ذلك (١)، وما فرَّق الله تعالى قط بين الميتة ولحم الخنزير، بل حرم تعالى كل ذلك تحريما واحدا في نص القرآن، ولا فَرَّقَ تعالى قط على لسان رسوله -صلى الله عليه وسلم- (٢)، وفي بيان لكتاب ربه جل وعلا (٣)، أن كل إهاب دبغ فقد طهر (٤)؛ فاحتج لهذا بعض متأخريهم بأن قال: الخنزير لا تعمل فيه الذكاة أصلا، فقلنا لهم: والكلب والحمار والسبع عندكم، تعمل فيها الذكاة شيئا؟ ! ، فإن قالوا: نعم تركوا مذهبهم؛ وإن قالوا: لا سَوَّوْا بين الخنزير وبين الكلب والسبع، والبغل والحمار، فقال بعضهم: تعمل فيها الذكاة لدباغ جلودها، فقلنا: كذبتم إنَّه لا فرق بين جلودها مذكاة وبين جلودها وقد ماتت حتف أنفها، فقال آخر منهم: للإنسان أن يذكيها ليطعمها بُزَاتَهُ وفُهُودَه، فقلنا: وله أن يطعمها إياها غير مذكاة، لأن الشرائع لا تلزم البزاةَ والفهودَ؛ وللإنسان أن يُطلقَ دجاجه للرَّعْي؛ وليس عليه أن يحرسه عن أكل العذرات والميتات؛ مع أن تذكية ما لا يحل أكله باطلٌ وكذبٌ؛ لأن التذكية إنما هي


= "إنما حرم أكلها" أخرجه البخاري في الذبائح والصيد، باب جلود الميتة برقم (٥٥٣١) ومسلم في الطهارة، باب طهارة جلود الميتة بالدباغ (٤/ ٥١).
(١) انظر: تبيين الحقائق (١/ ٢٦ - ٢٧) والمختصر (ص ١٧) والتحقيق في أحاديث الخلاف (١/ ٨٢) وبدائع الصنائع (١/ ٨٥ - ٨٦) والهداية (١/ ٢٢).
(٢) سقط لفظ الصلاة والسلام على رسول الله من (ت).
(٣) كذا.
(٤) تقدم تخريجه.