للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

للأكل بنص القرآن فقط؛ لا لمعنى آخر أصلا.

وقاسوا عصب (١)، الميتة على جلدها في أنها لا يجوز أن تستعمل إلا حتى تُدبغ؛ ولم يقيسوا صُوفها ولا عَظْمَها ولا شعرها على جلدها، بل قالوا: كل ذلك طاهر بلا دباغ (٢)، وفرَّقَ بعضُهم بين ذلك بأن قال: الصوف والشعر والعظام لا يلحقها حكم الموت، لأنه لا حياة فيها، وأما الجلد والعصب فيلحقها حكم الموت؛ فقلنا: ومن أين لكم هذا؟ ! فلو قال لكم قائل: الجلد والعصب لا يلحقها حكم الموت، ويلحق الصوف والشعر والعظام، واحتج بقول الله تعالى: {يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ} (٣)، فصح أنها تموت إذ لا يحيا إلا ما مات، واحتج في ذلك بأن الصوف والشعر ينمو كما ينمو اللحم - أفكان يكون أقوى كلامًا منكم؟ ! !

وقال بعضهم: الصوف والشعر والعظم ليس من الحيوان، وليس ميتة، فقلنا: والذَّنب والألية قد يُقطعان من البهيمة الحية؛ فليست ميتة على أصلكم البديع في السُّخف، والبولُ والروث والدم يَبِينُ عن البهيمة وهي حية، فليست منه أيضا على أصلهم البديع؛ فإن قالوا: قسنا سائر العظام على القرن؛ قلنا: فقيسوا البول على لبن ما هو منه، كما فعل المالكيون ولا فرق، فتأملوا قياسهم واعجبوا! !


(١) العصب: محركة أطناب المفاصل وانظر القاموس (ص ١٤٨) مادة عصب.
(٢) انظر: الهداية (١/ ٢٢) وتبيين الحقائق (١/ ٢٦).
(٣) سورة يس، الآية رقم ٧٨.