للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثالثا: ظهور التَّقليد في عصره وجمود الفقهاء عليه: غلب التقليد على فقهاء مَالكية الأندلس في عصر ابن حزم، وخالفوا بجمودهم على قول الإمام المتبوع تواليف جميع أهل الإسلام أولها عن آخرها، ولم يقنعوا بها، ولا صوبوها ولا رضوها، بل خالفوها وعابوها وخطَّأوا أصحابها، استنقاصا لجميع أهل العلم من الصحابة والتابعين، ومَنْ بعدهم في مشارق الأرض ومغاربها، حاشا "المدونة" (١) "المستخرجة" (٢) فقط (٣).

وكان بعض هؤلاء المقلدة يهجمون على الفتوى بغير علم بسنة ثابتة، أو هدي مأثور ذلك "لأنهم ليسوا من أهل الرواية، فَيَعْرِفُوا قويها من ضعيفها، ولا اشتغلوا بها قط ساعة من الدهر، وما يعرفون إلا المدونة على تصحيفهم لها، وما عرفوا قط من الصحابة رضي الله عنهم، رجلا، ولا من التابعين عشرة رجال. . ." (٤).


(١) المدونة: اسم علم على الصيغة الأخيرة المنقحة المهذبة للأسدية، ونسبت لسحنون (ت ٢٤٠ هـ) لأنه هو الذي هذبها ونظمها، انظر: إصطلاح المذهب عند المالكية (ص ٩٥) للدكتور محمد إبراهيم أحمد علي. مجلة البحوث الفقهية المعاصرة عدد ١٥ السنة الرابعة ١٤١٣ هـ.
(٢) المستخرجة: عبارة عن حصر شامل لمعلومات فقهية يرجع معظمها لابن القاسم العتقي عن مالك ابن أنس، وفيها سماعات أحد عشر فقيها، وتنسب لمحمد أحمد العتبي المتوفي سنة ٢٥٥ هـ. وانظر: اصطلاح المذهب عند المالكية (ص ٩٩) مصدر سابق.
(٣) انظر: رسالتين أجاب فيهما عن رسالتين سئل فيهما سؤال تعنيف (ج ٣/ ص ٨٩) (ضمن رسائل ابن حزم).
(٤) رسالتين أجاب فيهما عن رسالتين سئل فيهما سؤال تعنيف (ج ٣/ ص ٨٢) ضمن رسائل ابن حزم.