للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٢ - الالتزام بظواهر النصوص: يُبادر ابنُ حزم إلى تفسير "الظاهر": عندما يجعله مرادفا "للنص": فيقول: "والنص: هو اللفظ الوارد في القرآن، أو السنة المستدل به على حكم الأشياء، وهو الظاهر نفسه" (١).

ويوضح ابن حزم السبب في الالتزام بالظاهر، وعدم مجاوزته إلى غيره قائلا: ". . . واعلموا أن دين الله تعالى ظاهر لا باطن فيه، وجهر لا سر تحته، كله برهان لا مسامحة فيه، واتَّهَموا كلَّ مَنْ يَدْعُو أن يُتبع بلا بُرهان، وكلَّ مَنِ ادَّعَى للديانة سرًّا وباطنا فهي دعاوى ومخارق، واعلموا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، لم يكتم من الشريعة كلمة فما فوقها، ولا أطلع أخص الناس به من زوجة، أو ابنة أو عم، أو ابن عم، أو صاحبٍ على شيء من الشريعة كتمه عن الأحمر والأسود ورُعاة الغنم، ولا كان عنده عليه السلام سر، ولا رمز، ولا باطن غير ما دعا الناس كلهم إليه، ولو كتمهم شيئا لما بَلَّغَ كما أُمر، ومن قال هذا فهو كافر، وإياكم وكل قول لم يَبِنْ سبيلُه، ولا وضح دليلُه. . ." (٢).

ويمضي ابن حزم - في موضع آخر - محتجا على وجوب الإلتزام بظواهر النصوص قائلا: ". . . برهان ما قلنا من حمل الألفاظ على مفهومها من ظاهرها قول الله تعالى في القرآن: {بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ}، وقوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ}: فصح أن البيان لنا إنما هو في حمل القرآن والسنة على ظاهرهما


(١) الإحكام في أصول الأحكام (ج ١/ ص ١٢).
(٢) الفصل في الملل والنحل (ج ٢/ ص ١١٦).