للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

"وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم"، واللسان هي اللغة بلا خلاف ها هنا: فإذا لم يكن الكلام مبينا عن معانيه، فأي شيء يفهم هؤلاء المخذولون عن ربهم تعالى، وعن نبيهم - صلى الله عليه وسلم -، بل بأي شيء يُفهم به بعضهم بعضا؟ " (١).

٣ - شروط العدول عن ظواهر النصوص: انتصر ابن حزم للقول بظاهر النص، ودافع عن ذلك، ثم انتقل بعدُ لبيان موجبات العدول عن مقتضى الظاهر إلى معاني أخرى، يقول مبينا هذه الموجبات: "فإن قالوا بأي شيء تعرفون ما صُرف من الكلام عن ظاهره؟ ، قيل لهم - وبالله تعالى التوفيق -: نعرف ذلك بظاهر آخر مخبر عنه بذلك، أو بإجماع متيقن منقول عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، على أنه مصروف عن ظاهره فقط" (٢).

ويوضح ابنُ حزم آفةَ من أَتْبَعَ نفسه هَواهَا، فأحال نصا عن ظاهره بغير برهان فيقول: "ولا يحل لأحد أن يحيل آية عن ظاهرها، ولا خبرًا عن ظاهره، لأن الله تعالى يقول: {بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ}: وقال ذَامًّا لقوم: {يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ}، ومن أحال نصًّا عن ظاهره في اللغة بغير بُرهان من آخر، أو إجماع فقد ادَّعى أن النص لا بيان فيه، وقد حرف كلام الله تعالى ووحيه إلى نبيه - صلى الله عليه وسلم -، عن مَوْضِعِهِ، وهذا عظيم جدا" (٣).


(١) انظر: الإحكام في أصول الأحكام (ج ٣/ ص ٣٠٨).
(٢) انظر: الإحكام في أصول الأحكام (ج ٣/ ص ٤٣).
(٣) النبذة الكافية في أحكام أصول الدين (ص ٣٦).