للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَيُنَوِّهُ ابنُ حزم بالتأويل الصحيح المعتمد في صرف اللفظ عن ظاهر معناه فيقول أثناء رده على من لَامَهُ في تَرْكِ الأخذ به: ". . . وأما ترك الأخذ بالتأويل، فلا يخلو من أحد وجهين لا ثالث لهما، إما تأويل يشهد بصحة القرآن، أو سنة صحيحة، أو إجماع فَبِهِ نقول إذا وجدناه، وإما تأويل دعوى لا يشهد بصحته نص قرآن، ولا إجماع، فهذا الذي ننكره، وندفعه، ونبرأ إلى الله تعالى منه. . ." (١).

ويُعلم مما سبق أن أدلة العدول عن ظاهر اللفظ عند ابن حزم ثلاثة:

الأول: نص القرآن الكريم: فَـ "هُوَ عهد الله إلينا، والذي ألزمنا الإقرار به، والعمل بما فيه، وصح بنقل الكافة الذي لا مجال للشك فيه، إن هذا القرآن هو المكتوب في المصاحف، المشهور في الآفاق كلها، وجب الانقياد لما فيه، فكان هو الأصل المرجوع إليه" (٢).

الثاني: السنة النبوية: وهي: "الخبر الوارد عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهو المبين عن الله عز وجل مراده منا، قال الله تعالى: {لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ}. ووجدناه تعالى قد أوجب طاعة هذا القسم الثاني، كما أوجب طاعة القسم الأول الذي هو القرآن، ولا فَرْقَ" (٣).

والخبر المحتج به عند ابن حزم هو المسند المرفوع إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأما الموقوف والمرسل فلا تقوم بهما حجة "وكذلك ما لم يروه إلا من لَا


(١) انظر: رسالتين أجاب فيهما عن رسالتين سئل فيهما سؤال تعنيف (ج ٣/ ص ٨٠) ضمن رسائل ابن حزم.
(٢) الإحكام في أصول الأحكام (ج ١/ ص ٩٥).
(٣) الإحكام في أصول الأحكام (ج ١/ ص ٩٧).