للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يوثق بدينه وبحفظه" (١).

الثالث: الإجماع: والمعتبر به عند ابن حزم هو: "إجماعٌ لا خلاف فيه مِنْ أحد، وما اختلف قط مسلمان في أن ما أجمع عليه جمع الصحابة رضي الله عنهم دون خلاف من أحد منهم إجماعا متيقنا مقطوعا بصحته، فإنه إجماع صحيح لا يحل لأحد خلافه" (٢). وإنما اعتد ابن حزم بإجماع الصحابة، ونفى ما سواه؛ لأنه "قد صح أنه لا سبيل إلى معرفة ما أراد الله تعالى إلا من قبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا يكون الدين إلا من عند الله تعالى، فالصحابة رضي الله عنهم هم الذين شاهدوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وسمعوه، فإجماعهم على ما أجمعوا عليه هو الإجماع المفترض إتباعه، لأنهم نقلوه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الله تعالى بلا شك" (٣).

٤ - نبذ التقليد، وذم أهله والتنفير منهم: رضي ابن حزم لنفسه مذهب أهل الظاهر؛ لأنَّه المَذْهَبُ الذي ليس فيه مقلد، والمرجع فيه إلى الكتاب والسنة وإجماع الصحابة: لذلك بالغ في التنفير من التقليد، وذم المقلدة،


(١) المحلى (ج ١/ ص ٥١)، والإحكام في أصول الأحكام (ج ٢/ ١٤٥).
(٢) النبذ (ص ٢٦).
(٣) النبذ (ص ٢٦)، والإحكام في أصول الأحكام (ج ٤/ ص ٥٥٣). وهناك نوع آخر من الإجماع يعتد به ابن حزم وهو الذي فَسَّرَهُ بقوله: "كل ما لا يشك فيه أَحَدٌ مِنْ أهل الإسلام في أن من لم يقل به، فيس مسلما، كشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وكوجوب الصلوات الخمس. . . فهذه أمور من بلغته فلم يقر بها فليس مسلما، فإذا ذلك كذلك، فكل من قال بها فهو مسلم، فقد صح أنها إجماع من جميع أهل الإسلام" الإحكام (ج ٤/ ص ٥٥٥).