للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويعلم مما سبق آنفا أن ابن حزم يدافع عن الاتجاه الظاهري - الذي من أصوله، تحريم التقليد، ووجوب الاجتهاد على المسلمين جميعهم - لا بالمعنى الذي يراد للمذهب، من أن هناك صاحب مذهب وله أتباع يتبعون أقواله، وينصرونها بالحجج والبراهين، ويتبعونها حذو القذة بالقذة (١).

وفي الحق لقد كان أنصار القول بالظاهر أنفر الناس من التقليد، وأكثرهم اجتهادا، يقول محمد بن خليل (٢): ". . . وكذلك أقول لا يَجْهَل علي جاهل، فيظن أني متبع للإمام أبي محمد - يعني ابن حزم - أبو محمد شيخ من شيوخي، ومعلم من مُعَلِّمِيَّ، إِنْ أصَابَ الحق، فأنا معه اتباعا للحق وإلا فأنا مع الحق حيث فهمته بحسب ما يوفقني الله تعالى له، وَيُنْعِمُ به عليَّ" (٣).

٥ - إبطال القياس والرأي والتعليل: اختار ابن حزم العمل بظواهر النصوص، وعدم إحالتها إلى معاني مُؤؤَّلة إلا بقرينة من نص آخر، أو إجماع صحيح معتبر، وذلك الذي منعه من الإعتداد بالقياس والرأي


(١) انظر: دراسة تاريخية للفقه وأصوله والاتجاهات التي ظهرت فيه (ص ١٣٢) للدكتور مصطفى سعيد الخن.
(٢) لم يُعرف، ويرجح الأستاذ محمد إبراهيم الكتاني أن يكون والده عبد الملك بن عبد الرحمن بن أبي بكر بن خليل العبدري المذكور في الذيل والتكملة للمراكشي وانظر: التعليق على المورد الأحلى (ص ٣١٤) مجلة معهد المخطوطات العربية المجلد الرابع الجزء الأول، ماي ١٩٥٨ م.
(٣) المورد الأحلى في اختصار المحلى وكتاب القدح المعلى في إكمال المحلى (ص ٣٤٣).