للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالمنطق، ويقدمه على العلوم، فتألمت له، فإنه رأس في علوم الإسلام، متبحر في النقل، عديم النظير على يبس فيه وفرط ظاهرية في الفروع لا في الأصول" (١).

وقال ابن كثير: "والعجب كل العجب منه أنه كان ظاهريا حائرا في الفروع، لا يقول بشيء من القياس الجلي (٢) ولا غيره، وهذا الذي وضعه عند العلماء، وأدخل عليه خطأ كبيرا في نظره وتصرفه، وكان مع هذا من أشد الناس تأويلا في باب الأصول، وآيات الصفات وأحاديث الصفات. . ." (٣).

الثالث: استعان ابن حزم بالمنطق لنقض التعليل والقياس (٤)، فلم ير "الاستدلال بالشاهد على الغائب" (٥)، وأنه ليس للبشر أن يعلل حراما أو حلالا لم يخبرنا الله ولا رسوله بعلته، ثم يزعم أن الله أراد


(١) انظر: سير أعلام النبلاء (ج ١٨/ ص ١٨٦).
(٢) نقل السبكي عن والده أن الذي صح عنده هو أن داود الظاهري لا ينكر القياس الجلي، وإن نقل إنكاره عنه ناقلون، بل ينكر القياس الخفي فقط، أما الذي ينكر القياس كله جليه وخفيه، فهم طائفة من أصحابه زعيمهم ابن حزم، وتعقب التاج السبكي كلام أبيه، بأنه لما وقف على رسالة لداود في الأصول، وجد أن ظاهر كلام داود فيها يدل على إنكاره للقياس جملة: وإنه لا يقول بشيء منه: نعم إنه يطبق العلة إذا كانت منصوصة، ولكنه لا يسمي ذلك قياسا، بل هو عنده إعمال لدلالة النص، انظر: طبقات الشافعية الكبرى (ج ٢/ ص ٤٦).
(٣) البداية والنهاية (ج ١٢/ ص ٩٨)، وطقات علماء الحديث (ج ٣/ ص ٣٥٠ - ٣٥١).
(٤) انظر: تقديم الأستاذ سعيد الأفغاني لملخص إبطال القياس (ص ١١ - ١٢).
(٥) التقريب لحد المنطق (ضمن رسائل ابن حزم) (ج ٤/ ص ٢٩٩).