للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عندنا يقال له ابن حزم، انتدب لإبطال النظر، وسد سُبل العبر، ونسب نفسه إلى الظاهر إقتداء بداود وأشياعه، فسود القراطيس، وأفسد النفوس. . ." (١).

وشبه ابنُ العربي حالَ الظاهرية بحال إخوانهم الخوارج عندما قال في وصف الفرقة الأولى: "هي أمة سخيفة تسورت على مرتبة ليست لها وتكلمت بكلام لم تفهمه تلقفوه من إخوانهم الخوارج حيث تقول: لا حكم إلا لله، وكان أول بدعة لقيتُ في رحلتي القول بالباطن، فلما عدت وجدتُ القولَ بالظاهر قد ملأ به المغربَ سخيفٌ كان من بادية إشبيلية يُعرف بابن حزم، نشأ وتعلق بمذهب الشافعي، ثم انتسب إلى داود، ثم خلع الكل، واستقل بنفسه، وزعم أنه إمام الأمة، يضع ويرفع ويحكم ويشرع، ينسب إلى دين الله ما ليس فيه، ويقول عن العلماء ما لم يقولوا تنفيرا للقلوب عنهم، وخرج عن طريق المشبهة في ذات الله وصفاته، فجاء بطوام، واتفق كونه بين قوم لا بصر لهم إلا بالمسائل، فإذا طالبهم بالدليل كاعوا، فيتضاحك مع أصحابه منهم. . . وفي حين عَوْدي من الرحلة ألفيت حضرتي منهم طافحة، ونار ضلالهم لائحة، فقاسيتهم مع غير أقران، وفي عدم أنصار. . . تارة تذهب لهم نفسي، وأخرى تنكسر لهم ضرسي، وأنا ما بين إعراض عنهم وتشغيب بهم. . . يقولون: لا قول إلا ما قال الله، ولا نتبع إلا رسول الله، فإن الله لم يأمر بالإقتداء بأحد، ولا


(١) العارضة شرح سنن الترمذي (ج ١٠/ ص ١٠٨ - ١١٣).