للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم يبين ابنُ خليل الحال في تخطئة الأكابر فيقول: ". . . وأما تخطئة من خَطَّأَ من السلف الصالح - رضي الله عنهم -، فليست التخطئة نيلا منهم، ولا يعدها نيلا منهم إلا جاهل أحمق، وذلك أنه قد علمنا قطعا أن كل أحد يخطئ ويصيب إلا أنبياء الله تعالى صلوات الله عليهم أجمعين، وإذا قال قائل عمن أخطأ في شيء - وهو ممن يجوز عليه الخطأ - قد أَخْطَأَ فهو إخبار بحق وصدق، ولو قال غير ذلك لكان كاذبا" (١).

واستعدى فقهاءُ المالكية على ابن حزم - لما رأوه من مخالفته وحطه على الأئمة - مقدميهم وأصحابَ الفضل والعلم فيهم، فكانت له معهم مناظرات ومساجلات، ذكر بعضَها ابنُ حزم في مواطن من كتبه فمنها:

١ - مناظرةٌ بينه وبين الليث بن حريش العبدري (٢) بحضرة القاضي عبد الرحمن بن أحمد بن بشر (٣)، وَجَمْعٍ عظيم من فقهاء المالكية، وكانت هذه المناظرة عن تجويز الخطأ على الإمام مالك، قال ابن حزم: وذلك أني قلت له: لقد نسبت إلى مالك - رضي الله عنه - ما لو صح عنه لكان أفسق الناس، وذلك أنك تصفه بأنه أَبْدى إلى الناس المعلول والمتروك والمنسوخ من روايةٍ، وكتمهم المستعمل والسالم والناسخ، حتى مات


(١) القدح المعلى في إكمال المحلى (ص ٣٤٣) القطعة المنشورة منه.
(٢) هو الليث بن أحمد بن حريش العبدري القرطبي يكنى أبا الوليد، كان في عداد المشاورين بقرطبة، ذا حظ من علم الحديث، واستقضى بألمرية. انظر: الصلة (ج ٢/ ص ٥٠١).
(٣) عبد الرحمن بن أحمد بن بشر أبو المطرف قاضي الجماعة بقرطبة، فقيه عالم أديب، أثنى عليه ابن حزم وفيه يقول: =