للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وناظره وأبطل كلامه" (١) ولم يُبق الدهر على هذه المناظرات، فندب بعضُ الباحثين نفسه لجمع - ما ظنه - مادتها من كتب الرجلين (٢).

ولم تفت هذه المناظرات من عضد ابن حزم، بل مضى - رحمه الله - فيما اختاره يجاهد بلسانه وقلمه، ولكن خصومه سعوا في إثارة العامة عليه "فأركس الله تعالى جدودهم. . . وخابوا في ذلك" (٣)، لكنهم عادوا للسعاية به عند ذوي القدرة والسلطان، قال ابن حزم واصفا كيدهم: ". . . وكتبوا الكتب الكاذبة، فخيب الله سعيهم، وأبطل بغيهم، وله الشكر وَاصِبًا، وخسئوا في ذلك، فعادوا إلى المطالبة عن أمثالهم: فكتبوا الكتب السخيفة إلى مثل ابن زياد بدانية، وعبد الحق (٤) بصقلية


(١) انظر: المصدرين السابقين، ولقد كان ابن حزم منصفا عندما عرف لأبي الوليد الباجي فضله وغناءه في العلم لما قال: "لو لم يكن لأصحاب المذهب المالكي إلا القاضي عبد الوهاب - وأبو الوليد الباجي لكفاهم". انظر: الديباج المذهب (ص ١٩٨) وشجرة النور الزكية (ج ١/ ص ١٢٠).
(٢) هو د. عبد المجيد تركي وأثبت ذلك في "مناظرات في أصول الشريعة الإسلامية بين ابن حزم والباجي". وفي قول من قال إن الله أظهر الباجي على ابن حزم وقفة، حتى تظهر هذه المناظرات، ويُعلم حالِها، فيحكم بين الرجلين بالعدل والقسط، وإنما توقفت في هذا، لأن ما قيل قد يكون من قِبَلِ خصم لابن حزم، فيتوقف في قبول حكمه إلى حين ظهور حقيقة الأمر والله أعلم. ثم وقفت بعد كتابة هذا، على رأي الشيخ أبي زهرة في "ابن حزم" (ص ٥٢) يرى فيه أن انتصار الباجي لم يكن انتصار حجة وبرهان، بل كان بقوة السلطان.
(٣) انظر: رسالتين أجاب فيهما عن رسالتين سئل فيهما سؤال تعنيف (ج ٣/ ص ١١٥) ضمن رسائل ابن حزم.
(٤) هو عبد الحق بن محمد بن هارون السهمي القرشي الصقلي، تفقه بشيوخ القيروان =