للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فأضاع الله كيدهم وفل أيديهم، وله المن كثيرًا والفضل. . ." (١).

وسعى فقهاء المالكية بابن حزم إلى المعتضد بن عباد حاكم إشبيلية، وأوغروا صدره عليه، وكان الرجل "شديد الجرأة، قوي المُنَّة، عظيم الجلادة، مستهينا بالدماء قتل ولده إسماعيل صبرا بيد نفسه، وقد اتهمه بالفساد عليه. . ." (٢)، فأمر بإحراق كتبه، فَجُمعت وأُحرقت (٣).

فلم يزد ذلك ابنَ حزم إلا ثباتا وعنادا، وإمعانا في المضي فيما ندب له نفسه، يقول في ذلك:


= ثم حج فلقي القاضي عبد الوهاب وأبا ذر الهروي ثم بعد ذلك لقي إمام الحرمين، ألف: "النكت والفروق" و"تهذيب الطالب"، توفي بالإسكندرية سنة ٤٦٦ هـ. انظر: الديباج المذهب (ص ٢٧٥) وشجرة النور الزكية (ج ١/ ص ١١٦).
(١) انظر: رسالتين أجاب فيهما عن رسالتين سئل فيها سؤال تعنيف (ج ٣/ ص ١١٥ - ١١٦) ضمن رسائل ابن حزم.
(٢) أعمال الأعلام (ص ١٥٦). ويعزو الشيخ أبو زهرة سبب إحراق المعتضد كتب ابن حزم إلى أنه كان أموي الهوى، متعصبا لهم، وكان مع ذلك وزيرا من وزراء أمرائهم قال الشيخ: ". . . ومثل ذلك ممن له مواهب ابن حزم يجتهد ذوو الأمر في إبعاده عن العامة، أو تصغير شأنه بينهم، وفوق ذلك فإنه يظهر أنه وهو المؤرخ الذي كان يسجل وقائع عصره وما يجري فيه، لم يكن يسجل فيه ما يبغون فكان يكتب بعبارته اعتقاده وما يراه، ولا يخشى في ذلك لومة لائم، ولا يهمه رضوا أو سخطوا. . ." وانظر: ابن حزم حياته وعصره. . . (ص ٥٦).
(٣) لا يدري متى كان ذلك، والذي ثبت أن ابن حزم خرج من ميورقة سنة ٤٤٠ هـ، وتوفي سنة ٤٥٦ هـ. فيكون الإحراق لا بد واقعا بين هذين التاريخين، والباعث على الإحراق ومَنْ تولاه، وكيف تم، كل ذلك يحتاج إلى أن يفرد ببحث.