للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وبعد المرابطين بسط الموحدون نفوذهم على الأندلس، وفي أيام يعقوب بن يوسف "انقطع علم الفروع، وخافه الفقهاء، وأمر بإحراق كتب المذهب بعد أن يجرد ما فيها من أحاديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والقرآن، فأحرق منها جملة في سائر البلاد، كمدونة سحنون، وكتاب ابن يونس ونوادر ابن أبي زيد ومختصره، وكتاب التهذيب للبرادعي، وواضحة ابن حبيب، وما جانس هذه الكتب، ونحا نحوها" (١).

ولقد كان والدُ يعقوب المنصور الموحدي لَمَّا دخل الأندلس، وقف على قبر ابن حزم وقال: "عجبا لهذا الموضع يخرج منه مثل هذا العالم" ثم التفت إلى مَنْ حوله قائلا: "كل العالم عيال على ابن حزم" (٢).


= أصحابه، ويقال: قد قال في هذه المسالة أهل قرطبة، وأهل طلمنكة وأهل طلبدة وأهل طليطلة، وصار الصبي إذا عقل وسلكوا به أمثل طريقة لهم، علموه كتاب الله تعالى، ثم نقلوه إلى الأدب، ثم إلى الموطأ ثم إلى المدونة، ثم إلى وثائق ابن العطار، ثم يختم له إلى أحكام ابن سهل، ثم يقال: قال فلان الطليطلي، وفلان المجريطي، وابن مغيث - لا أغاث نداه - فيرجع القهقرى، ولا يزال إلى ورا، ولولا أن الله تعالى منّ بطائفة تفرقت في ديار العلم، وجاءت بلباب منه. . لكان الدين قد ذهب. .". انظر: الديباج المذهب (ص ١٩٩ - ٢٠٠).
(١) المعجب (ص ٤٠٠) وقال المراكشي: "لقد شهدت منها وأنا يومئذ بمدينة فاس يؤتى منها بالأحمال فتوضع ويطلق فيها النار".
(٢) نفح الطيب (ج ٤/ ص ٢٢٢).