للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فـ "أهلُ الحديث قبلتهم السنة باعتبارها مكملا للقرآن، وباعتبارها نصوصا تَعَبَّدَ بها الشارعُ الإسلامي مَنْ دان بالإسلام، من غير نظر إلى علل راعاها في تشريعه، ولا أصول عامة يرجع إليها المجتهد، ولا أصول خاصة بالأبواب المختلفة، فهم المتشرعون الحرفيون، ومن أجل ذلك نراهم إذا لم يجدوا نصا في المسألة سكتوا ولم يُفتوا" (١).

و"أما أهل الرأي والقياس، فإنهم رأوا الشريعة معقولة المعنى رأوا أصولًا عامة نَطَقَ بها القرآن الكريم، وأيدتها السنة وَرَأَوا كذلك لكل باب من أبواب الفقه أصولا أخذوها من الكتاب والسنة، وردوا إليها جميع المسائل التي تعرض من هذا الباب، ولو لم يكن فيها نص، وهم بالنسبة إلى السنة كالأولين متى وثقوا من صحتها" (٢).

ولقد كان بين هاتين الفرقتين منافرةٌ عظيمة، وخصومة مستحكمة، امتلأت كُتب التاريخ والسير بأخبارها، وشُحنت كتب الخلاف والجدل بذكر مظاهرها، فمن ذلك:


= الحديث وهم أهل الحجاز، هم أصحاب مالك بن أنس، وأصحاب محمد بن إدريس الشافعي، وأصحاب سفيان الثوري وأصحاب أحمد بن حنبل وأصحاب داود بن علي بن محمد الأصفهاني. . .، أصحاب الرأي: وهم أهل العراق أصحاب أبي حنيفة". ويرد بعض المعاصرين هذا الاضطراب في التحديد إلى الاختلاف في اعتماد القياس دليلا في التشريع. وانظر: تأويل مختلف الحديث (ص ١٩ - ٢٠) وأحسن التقاسيم (ص ٣٧ و ١٤٣) والملل والنحل (ج ١/ ص ٣٦١ - ٣٦٨) والاتجاهات الفقهية عند أصحاب الحديث في القرن الثالث الهجري (ص ٨٦).
(١) تاريخ التشريع (ص ١٩٧).
(٢) المصدر السابق.