للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَوْلَهُ: ". . . كذب والله - وافترى علينا من يقول، إننا نقدم القياس على النص، وهل يُحتاج بعد النص إلى قياس؟ (١) ".

وما وجد من مخالفة أبي حنيفة لبعض الحديث محمول على عدة محامل منها:

١ - قد يختلف نظر أبي حنيفة في تصحيح حديث أو تضعيفه، فما رآه صحيحا قد يراه غيره ضعيفا.

٢ - قَلَّ إمامٌ من الأئمة الناصحين إلا وله مخالفة لبعض الحديث، لأدلة أخرى قامت في نفسه، إما لعلة خفية، أو معارضة لدليل أقوى منه، أو لظنه وَهَمَ الراوي، أو نسخ الحديث، أو تخصيص عمومه، أو تقييد مطلقه، فيترك حينئذ العمل به.

٣ - قد يكون خفي على أبي حنيفة بعضُ الحديث، فلما لم يبلغه علمه أفتى على خلافه (٢).

وأنتَ إذا نظرتَ فيما مضى، ألفيتَهُ كالتَّقدمة للكلام على المعنى الذي من أجله ألف ابنُ حزم كتاب "الإعراب".

ولقد يصح أن يقال بعد هذا، إن موضوع كتاب "الإعراب" تعقب الحنفية في الأصول التي بنوا عليها مذهبهم، وتتبع تناقضهم - أثناء تنزيل هذه الأصول على الفروع - في الأخذ تارة بالشيء من تلك الأصول، وتركهم العمل بها تارة أخرى، وحيرتهم في ذلك، وتلبيسهم بذلك على الناس إيهاما أنهم على الحق، وأن من عداهم عُدم


(١) الميزان (ج ١/ ص ٥١).
(٢) هذه المحامل مستفادة من "السنة ومكانتها في التشريع الإسلامي" (ص ٤٢٠ - ٤٢٤).