للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فيما ليس منْه أثر ولا دليل" (١).

٦ - تعقب الحنفية في استنباط الأحكام من النصوص: فالقوم لا يتمسكون بظواهر النص، ويعتمدون الاجتهاد والرأي في فهم كلام الله تعالى، ولما كان المصنف جامدا على النص، معرضا عن استعمال الرأي والقياس انبرى للاعتراض على الحنفية من هذا الوجه.

ومما يُمثَّلُ به على هذه الجهة من الاعتراض: قولُ المصنف: واحتجوا في إيجابهم الخطبة يوم الجمعة فرضا بأنه عمل رسول الله المروي عنه، فقلنا لهم: ذلك العمل المروي عنه لم يختلف فيه أنه كان خطبتين، وهو قائم يجلس بينهما، فلم يروا هذه الصفة فرضا: فاعجبوا لهذا التلاعب، أن يكون بعض عمله عليه السلام في قصة واحدة فرضا، وبعضه ليس فرضا، بلا دليل أصلا لا من قرآن ولا سنة صحيحة، ولا سقيمة، ولا قول صاحب، ولا قياس، ولا معقول" (٢).

وقد يستنبط الحنفية من خبر حكما، ويرى فيه المصنف غير ذلك، فينبري للتعقب كقوله: ". . . ثم احتجوا في ذلك أيضا بأخبار لا تصح: (من لم يوتر، فليس منا)، وهم لا يقولون بهذا، بل يقولون: ليس فرضا ولا تطوعا بل هو واجب، فكان هذا عجبا، حكمٌ لا واجب، ولا تطوع ولا حرام! ! هذا ما لا يعقل" (٣).


(١) الإعراب عن الحيرة والالتباس (ج ١/ ل ١٤).
(٢) الإعراب عن الحيرة والالتباس (ج ١/ ل ٣٣).
(٣) الإعراب عن الحيرة والالتباس (ج ١/ ل ٣٥).