للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد يختلف فهم الحنفية للنص من جهة اللغة، عن فهم المصنف له من تلك الجهة، فيبعثه ذلك على الاعتراض، ومعلوم أن الاختلاف في تفسير النص لغة، قد يوجب الاختلاف في الحكم، ومن أمثلة هذا الضرب من النقد: قول المؤلف: "واحتجوا لقولهم: إن الهبة لا تتم إلا بالحيازة والقبض بالثابت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يا ابن آدم مَالَكَ مِنْ مَالِكَ إلا ما أعطيتَ فأمضيتَ)، وذكر باقي الحديث، قالوا: الإمضاء هو الإقباض. قال أبو محمد: وهذا باطل، لأنه دعوى بلا برهان، بل الإمضاء هو الإعطاءُ نفسُه، وأما من أراد الرجوع فيما أعطى لأنه بَدَا لَهُ، أو لأنه لم يقبض منه، ففي هذا الخبر إبطال إرادته، لأنه عليه السلام لم يجعل من ماله ما أعطى، فلم يُمضه، فإن لم يجعله عليه السلام من ماله، فلا حق له فيه أصلا. . ." (١).

٧ - تعقب المؤلف للحنفية في تفسير دلالة النصوص: وهذا التعقب قريب مِنْ سابقه، وإنما أفردته بالذكر، لأن معظم الكتاب فيه، ولقد كان اعتراض المؤلف على الحنفية في هذا الضرب من وجوه:

الأول: اعتراضهم في قَصْر دلالة النص على العموم تارة، وعلى الخصوص تارة أخرى من غير دليل واضح أو برهان ساطع، حتى قال المؤلف - على ما عُلم من مبالغته وتشنيعه -: ". . . فجمعوا في هذه الأقوال التلاعب بالقرآن والسنن وحملها على العموم، ومرة على الخصوص بآرائهم، والكذب على الله تعالى جهارا بتقويل رسول الله


(١) الإعراب عن الحيرة والالتباس (ج ١/ ل ٦٧).