للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المنتقدة على الحنفية (١)، وإنما ردد القول فيها لحاجته إليها، وتشنيعه بها.

ثانيا: الوضوح (٢): وذلك آت من جهتين:

الأولى: سعة اطلاع ابن حزم على أقوال الحنفية، واستيعابه للمسائل المنتقدة استيعابا مكنه من حكايتها حكاية العارف المطلع الخبير بأقوال خصومه.

الثانية: حسن ترتيب هذه المسائل المنتقدة، وتقسيمها في فصول، بحيث لا توجد مسألة منها شاردة، ولا قضية في موضعها نابية.

ثالثًا: حدة في التعقب وعدم تلطف في الجدال: لقد حمل الاعتزاز بالنفس، ابنَ حزم على أن يجادل خصومه جدالا يصك به آذانهم، ويسفه به أحلامهم، ويزحزحهم عن أقوالهم ومذاهبهم، اسمع إليه يقول: "قد علمنا الله تعالى في هذه الآيات - يشير إلى آيات ساقها قبلُ تدل على طلب الجدل المحمود - وجوه الإنصاف الذي هو غاية العدل في المناظرة، وهو أن من أتى ببرهان ظاهر وجب الانصراف إلى قوله، وهكذا نقول نحن اتباعا لربنا - عز وجل - بعد صحة مذاهبنا، لا شكا


(١) ومما كرر ابن حزم القول فيه: قول الحنفية بجواز الإستنجاء بأقل من ثلاثة أحجار، وما انتقدهم فيه من جواز الصلاة على كيفية مخصوصة. وانظر: الإعراب عن الحيرة والالتباس (ج ١/ ل ٢٨ - ٢٩).
(٢) كان ابن حزم يَنْعَى على مَنْ لا يستعمل الوضوح في التَّأليف في المنطق، وفي رأيه أنَّ "تعقيد التَّرجمة وإيرادها بألفاظ غير عامية، ولا فاشية الاستعمال" أدى إلى طرح الناس للمنطق ومعاداتهم لهُ. تقريب حد المنطق (ج ٤/ ص ١٥٥) ضمن رسائل ابن حزم.