للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بذلك لمجادلته أهل العقائد الأخرى، وتأليفه في ذلك.

وابنُ حزم حافظٌ لدليل خصمه، يعرضه في المناظرة، ويبسطه في الجدال، ثم يكر عليه متعقبا دليلا دليلا، حتى إذا لم يُبق لخصمه من ذلك شيئا، ألزمه بأن يصير إلى رأيه لنفسه، فأُفحم الخصمُ وَوَضَحَ الحق.

٣ - والكتاب بعدُ دليلٌ على إحاطة ابن حزم بأقوال الحنفية ودقائق مذهبهم: وما لهم في ذلك قولان أو وجهان، وما انفردوا به وما خالفوا به الإجماع، وما لا يُعرف عن أحد من أهل الإسلام أنه قاله قبلهم (١)، وما خالفوا فيه القرآن والسنن (٢)، وأقوال الصحابة (٣).

٤ - والكتابُ دليلٌ على تبحر ابن حزم في معرفة أقوال الصحابة والتابعين، والمأثور عنهم من الخلاف في الفروع، والمنقول عن بعضهم من الرجوع عن القول الأول، والمذهب المتقدم (٤)، وأنتَ إذا تأملتَ قول ابن حزم، "وما نعلم في هذا عن صاحب ولا عن تابعي غير ما ذَكَرْنَا في ذلك" (٥)، أو قوله: "ولا يُحفظ هذا عن أحد من الصحابة أصلا" - جزمتَ أن الرجل حافظٌ متبحر.


(١) عَقَد ابن حزم لذلك تنبيها قال فيه: "تنبيه على ذكر طرف يسير مما قاله الحنيفيون لا يعرف أحد من أهل الإسلام قاله قبلهم. . .".
(٢) عقد ابن حزم لذلك الفصل الثامن في ذكر ما لم يجدوا فيه متعلقا إلا برواية صاحب. . . فخالفوا لها القرآن والسنن. . .
(٣) عقد ابن حزم لذلك الفصل التاسع في طرف من تناقض الحنيفيين. . . بأنهم موافقون لرواية جاءت عن صاحب. . . وهم إما مخالفون لتلك الرواية نفسها. . .
(٤) انظر: الإعراب عن الحيرة والالتباس (ج ١/ ل ٩٤).
(٥) الإعراب عن الحيرة والالتباس (ج ١/ ل ٩٦).