للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أهل الرأي والقياس، وأهل الظاهر في كتاب واحد، على بُعد ما بين الطائفتين، وشدة الخلاف بين الفريقين.

٨ - والكتاب شاهدُ على تعلق ابن حزم من كل علم بطرف: فهو لغوي ماهر، يعمل بمقتضى اللغة، ويرجع إليها، ويتعقب خصومه فيما خالفوا منها (١)، وهو خبير مطلع على فقه الفرق والنحل الإسلامية، يعرف مذاهبهم في الفروع، وحججهم في الاستنباط (٢)، وهو محدث متكلم في العلل والأسانيد، يصحح ويضعف (٣).

وبالجملة فلو لم يكن هذا الكتاب لابن حزم، لجاز أن ينسب إليه، لأنه لا يقدر على تأليفه إلا رجل كابن حزم.

ولقد اغترف الأكابر من "الإعراب"، فاستمدوا منه، وشحنوا بفوائده كتبهم، ومن هؤلاء ابن الخراط (٤)، الذي أورد في "الأحكام


(١) انظر: الإعراب عن الحيرة والالتباس (ج ١/ ل ٢٩).
(٢) انظر: الإعراب عن الحيرة والالتباس (ج ١/ ل ٣٣). وفيه أن ابن حزم رأى الإباضية يحتجون بحديث (ما لي أراكم رافعي أيديكم في الصلاة. . .) على المنع من رفع الأيدي في الإحرام.
(٣) انظر: الإعراب عن الحيرة والالتباس (ج ١/ ل ٢١ و ١٠٦ و ١١٧ و ١٢٠).
(٤) هو عبد الحق بن عبد الرحمن بن عبد الله بن حسين الحافظ أبو محمد الأزدي الإشبيلي ويعرف بابن الخراط روى عن شريح بن محمد، وأبي الحكم بن برجان وطائفة، كان فقيها حافظا، عالما بالحديث وعلله: لَهُ: "الغربيين" و"الأحكام الوسطى" (ح) وغير ذلك، توفي سنة ٥٨١ هـ. انظر: تذكرة الحفاظ (ج ٤/ ص ٩٧) وفوات الوفيات (ج ٢/ ص ٢٥٦) والشذرات (ج ٤/ ص ٢٧١).