للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كان بمقدار الرهن فأكثر؛ ثم خالفوهما، فقالوا: إن كانت قيمة الرهن أقل من قيمة الدين، فما زاد على قيمة الرهن فهو باق على الراهن، لم يذهب ذلك من حق المرتهن، وهذا خلاف ما في الخبرين المذكورين (١).

واحتجوا لقولهم الفاسد: إنَّ من أقر بأحد ثلاثة أولاد لأمته، ولم يبين أيهم هو، ثم مات، فإن الأصغر حر؛ ولا يكلف غرامة، ولا يرث، ولا يلحق نسبه، وأن الأوسط يعتق نصفه بلا سعاية ويكلف السعاية عن قيمة نصفه ويعتق، وأن الأكبر يعتق ثلثه بلا سعاية، وثلثاه بالسعاية في قيمتها، بالخبر الذي فيه أن رسول الله بعث خالد ابن الوليد إلى حي من العرب فاعتصموا بالسجود، فقتلهم، فأمر لهم رسول الله بنصف الديات (٢)، فاحتجوا به فيما ليس فيه أثر، ولا


(١) ومذهب أبي حنيفة في هذه المسألة في: شرح معاني الآثار (٤/ ١٠٠ - ١٠٣) والمختصر للطحاوي (ص ٩٣) والهداية (٤/ ٤٦٨) وتبيين الحقائق (٦/ ٦٤) والبحر الزخار (٥/ ١١٣) والمحلى (٨/ ٩٦) حيث ساق المؤلف أدلة الحنفية وردها وقال فيما استدلوا به من خبر ابن المسيب: "وأما الحديث الذي ذكروا فمرسل ولا حجة في مرسل؛ ثم لو صح لما كان لهم فيه حجة أصلا، لأنه لا يدل على شيء من قولهم، ولا تقسيمهم، وإنما مقتضاه لو صح هو أن قوله: لا يغلق الرهن ممن رهنه -بضم الراء وكسر الهاء- له غنمه وعليه غرمه فوجب ضمان الرهن على المرتهن ... وقوله: "لا يُغلق الرهن من صاحبه لَهُ غُنْمُهُ وعليه غُرْمه" .... إن كان أراد بصاحبه مالكه، وهو الأظهر، فهو يوجب أن خسارته منه، ولا يضمنه له المرتهن، وإن كان أراد بصاحبه المرتهن فهو يوجب ضمانه له بكل حال، فصار حجة عليهم بكل وجه، وبطل قولهم ... ".
(٢) أخرجه النسائي في الكبرى في القسامة، باب القود بغير حديدة برقم (٦٩٨٢)، وأبو داود في الجهاد، باب النهي عن قتل من اعتصم بالسجود برقم (٢٦٤٥)، والترمذي =