للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم احتجوا في ذلك أيضا بأخبار لا تصح: "من لم يوتر، فليس منا" (١).

وهم لا يقولون بهذا، بل يقولون: ليس فرضا ولا تطوعا، بل هو واجب، فكان هذا عجبا: حكمٌ لا واجبٌ ولا تطوعٌ، ولا حرامٌ، هذا ما لا يعقل (٢)! ! !

واحتجوا لقولهم: أن من شك فلم يدر كم صلى أن ذلك إن كان في أول مرة، فإنه يبتدئ صلاته تلك، فإن كان ذلك بعد مرار تحرى أغلب ظنه؛ فإن لم يكن له ظن غالب بنى على اليقين بالخبر الذي فيه:


(١) من هذه الأخبار: ما أخرجه أبو داود في الصلاة، باب فيمن لم يوتر برقم (١٤١٩)؛ والحاكم في المستدرك في الوتر برقم (١١٤٦) وصححه، والبيهقي في الكبرى في الصلاة، باب تأكيد صلاة الوتر برقم (٤٤٦٤ - ٢/ ٦٦٠) من طريق أبي المنيب عبيد الله بن عبد الله العتكي عن ابن بريدة عن أبيه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الوتر حق فمن لم يوتر فليس منا". قال البيهقي بعد أن ساقه: "قال البخاري: عبيد الله بن عبد الله أبو المنيب عن ابن بريدة سمع منه زيد بن الحباب عنده مناكير". وقال: قال أبو أحمد - يعني ابن عدي -: "لا بأس به" وكان يحيى بن معين أيضا يوثقه". وقال الزيلعي في نصب الراية (٢/ ١١٢): "ورواه الحاكم في المستدرك وصححه وقال: أبو المنيب ثقة"، ووثقه ابن معين أيضا، قال ابن أبي حاتم: سمعت أبي يقول: صالح الحديث، وأنكر على البخاري إدخاله في الضعفاء وتكلم فيه النسائي وابن حبان والعقيلي".
(٢) قال أبو حنيفة: الوتر واجب وليس بفرض، وخالفه الصاحبان فقالا كما قال جمهور العلماء: هو سنة وليس بواجب. قال ابن المنذر: "لا أعلم أحدا وافق أبا حنيفة في هذا". ونُقل عن أبي حنيفة في الوتر أقوال ثلاثة: الأول: الوتر فريضة. الثاني: سنة مؤكدة. الثالث: واجب وهو الصحيح. وانظر الهداية: للمرغيناني (١/ ٧٠) والمجموع للنووي (٤/ ١١١)، والمغني لابن قدامة (٢/ ١١٧)، وتبيين الحقائق للزيلعي (١/ ١٦٨ - ١٦٩) والفتاوى الهندية (١/ ١١٠ - ١١١).