للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

"دع ما يريبك إلى ما لا يريبك" (١)، وبالخبر الذي فيه: "لا غرار في صلاة، ولا في تسليم" (٢).

فليتأمل كُلُّ مَنْ له أقل نظر هل في هذين الخبرين شيء مِمَّا قالوه بوجه من الوجوه؟ أو هل فيهما فرق بين أن يَعْرض ذلك في أول مرة؛ أو أن يعرض ذلك مرتين فأكثر (٣)؟


(١) ورد هذا الحديث من طرق منها: ما أخرجه النسائي في الكبرى في الأشربة، باب الحث على ترك الشبهات برقم (٥٢٢٠)، والبيهقي في الكبرى في البيوع، باب كراهية مبايعة من أكثر ماله من الربا برقم (١٠٨١٩ - ٥/ ٥٤٦) وأحمد في المسند برقم (١٧٢٧ - ٢/ ٣٤٧) كلهم عن شعبة عن بريد بن أبي مريم عن أبي الحوراء السعدي قال: قلت للحسن بن علي ما حفظت من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: ثم ذكره ..... ". هذا لفظ النسائي وزاد غيره: "فإن الصدق طمأنينة، وإن الكذب ريبة". ورمز له السيوطي في الجامع بالصحة ووافقه المناوي، وقال الشيخ أحمد محمد شاكر في تعليقاته على المسند: "إسناده صحيح". وانظر: فيض القدير (٣/ ٥٢٨ - ٥٢٩) وجامع العلوم والحكم لابن رجب (ص ١٠١).
(٢) أخرجه أبو داود في الصلاة، باب رد السلام في الصلاة برقم (٩٢٨)، ومن طريقه البيهقي في الكبرى في الصلاة، باب من لم ير التسليم على المصلي برقم (٣٤١١ - ٢/ ٣٦٩)؛ وأحمد في المسند (٢/ ٤٦١)؛ والحاكم في المستدرك رقم (٩٧٢) كلهم عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا غرار في صلاة ولا تسليم". قال أحمد: "يعني فيما أرى أن لا تسلم، ولا يسلم عليك، ويغرر الرجل بصلاته فينصرف، وهو فيها شاك".
وقال الحاكم بعد أن ساقه: "على شرط مسلم، ولم يخرجاه"، ورمز إليه السيوطي بالصحة، وسكت المناوي عن ذلك، فكأنه أقره. وقوله: "لا غرار"، قال: الزمخشري: الغرار: النقصان. وغرار الصلاة أن لا تقيم أركانها معدلة كاملة وفي التسليم أن يقول: السلام عليك، وأن يقتصر في رد السلام علي وعليك ... وانظر: فيض القدير (٦/ ٤٣٥).
(٣) انظر مذهب الحنفية في هذه المسألة في: المبسوط (١/ ٢١٩) وحلية العلماء (٢/ ١٦٢) والمغني (٢/ ١٤) وناقش ابن قدامة الحنفية فيما استدلوا به من حديث: "لا غرار في صلاة ولا في تسليم"، والمجموع للنووي (٤/ ١١١) وتبيين الحقائق (١/ ١٩٩).