للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واحتجوا بإسقاطهم سجود السهو عن المأموم بقول رسول الله: "إنما جُعل الإمام ليؤتم به، فلا تختلفوا عليه" (١)، وليس في سجود المأموم بعد تمام صلاة الإمام، وتمام صلاته أيضا اختلاف على الإمام (٢).

ثم أجازوا الاختلاف على الإمام حقا، في إباحتهم للمأموم تفوته بعض صلاة الإمام إذا قعد إمامه مقدار التشهد في آخر صلاته، ولم يسلم، أن يقوم المأموم إلى قضاء ما فاته ويجزئه.

ثم قالوا فإن طلعت الشمس كذلك على الإمام قبل أن يسلم، بطلت صلاته، ثم إن قهقه بعد ذلك انتقض وضوءه، فهذا هو الاختلاف على الإمام بالهوس حقا لا سجود الساهي لسهوه بعد تمام صلاة إمامه (٣)! !


(١) سبق تخريجه (ص ٤٢٧).
(٢) قال الحنفية: سهو المؤتم لا يوجب شيئا لأنه لو سجد وحده كان مخالفا لإمامه، لكنه لو كان مسبوقا فسها بعدما قام لقضاء ما سُبِقَ بِه يلزمه السهو، لأنه منفرد فيما يقضيه، وانظر فقه المسألة في: المبسوط (١/ ٢٢٢) والمجموع (٤/ ١٤٣) والمغني (٢/ ٣٢) وتبيين الحقائق (١/ ١٩٥) والفتاوى الهندية (١/ ١٢٨)، ومذهب المؤلف في المحلى (٤/ ١٦٧).
(٣) مضى الكلام على أغلب هذه المسائل، وَبَقِيَ منها مذهب الحنفية في نقض الوضوء بالقهقهة؛ فقد ذهب الحنفية إلى أن القهقهة من نواقض الوضوء؛ وسواء أكانت من المصلي على جهة العمد أم على جهة النسيان؛ فالكل ناقض؛ وفرقوا بين القهقهة داخل الصلاة وخارجها فقالوا: تنتقض الطهارة داخل الصلاة لا خارجها، واستدلوا بأدلة منها: أن القهقهة أفحش من الكلام عند المناجاة، ولهذا جعلت ناقضة للوضوء، ومنها: حديث أبي العالية أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي، فجاء ضرير، فتردى في بئر فضحك طوائف، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم الذين ضحكوا أن يعيدوا الوضوء والصلاة. قال ابن قدامة: "وروي من غير طريق أبي العالية بأسانيد ضعاف، وحاصله يرجع إلى أبي