للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالديانة - قالوا: إنما قلنا هذا لما روي عن رسول الله: "من صلى عاقصا رأسه كمن صلى وهو مكتوف" (١)، فكان هذا الاحتجاج عجبا في الحماقة! !

أترى أن أحدا في العالم يجهل أن من صلى - وهو مكتوف. فإنه لا يقدر على أكثر من ذلك؛ وأن الله تعالى لم يكلفه قط ما أعجزه عنه! !

أفيجوز أن يُشَبَّه عامِدٌ لاعبٌ عابثٌ مستهزيءٌ عَيَّارٌ (٢) يصلي فرضه، فلا يضع في سجوده فيها يدا، ولا ركبة ولا جبهة على الأرض،


= ولأن السجود يتحقق بدون وَضْعِهِمَا؛ والذي يجزئ في السجود وضع بعض الوجه على الأرض، واختلف في ذلك البعض، فقيل: هو الجبهة أو الأنف، وقيل: هما معا. وانظر: الهداية (١/ ٥٤) وبدائع الصنائع (١/ ١٠٥) وتبيين الحقائق (١/ ١٠٧) والفتاوى الهندية (١/ ٧٢) والمحلى (٣/ ٢٥٨) وأكثر المؤلف رحمه الله من التشنيع فيه على الحنفية، وسيذكر المؤلف المسألة من وجه آخر فيما يأتي.
(١) أخرجه مسلم في الصلاة، باب أعضاء السجود والنهي عن كف الشعر، والثوب، وعقص الرأس في الصلاة (٤/ ٢٠٧ - ٢٠٨) وأبو داود في الصلاة، باب الرجل يصلي عاقصا شعره حديث رقم (٦٤٧)، والدارمي في الصلاة، باب في عقص الشعر برقم (١٣٥٤) عن عبد الله بن وهب عن عمرو بن الحارث أن بكيرا حدثه أن كريبا مولى ابن عباس حدثه عن عبد الله بن عباس أنه رأى عبد الله بن الحارث يصلي ورأسه معقوص من ورائه، فقام فجعل يحله، فلما انصرف أقبل إلى ابن عباس، فقال: مالك ورأسي، فقال: إني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إنما مثل هذا مثل الذي يصلي وهو مكتوف"، هذا لفظ مسلم، وعقص الشعر جمع وسط الرأس، أو لف ذوائبه حول الرأس كفعل النساء.
(٢) العيار: الكثير المجيئ والذهاب، والذكي: الكثير التَّطواف. انظر القاموس مادة عير (ص ٥٧٤).