للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إذ يقول تعالى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} (١).

فلم يحرم الله تعالى قط الجماع، ولا الأكل، ولا الشرب بطلوع الفجر، بل كل ذلك مباح حلال طَلْقٌ وإن طلع الفجر الثاني، ما لم يتبين بياضه للمجامع. والآكل، والشارب، وإنما يحرم عليه كل ذلك بعد تبينه بياض الفجر بأول الآية، وبآخرها إذ يقول تعالى: {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} (٢).

فإنما ألزمنا تعالى الصيام بعد أن يتبين لنا بياض الفجر، لا بطلوع الفجر أصلا، والخبر المذكور بالآية سواء بسواء في هذا الحكم؛ لأنه عليه السلام أمر بالأكل والشرب حتى ينادي ابن أم مكتوم (٣)؛ وهو


(١) من سورة البقرة، الآية رقم (١٨٧).
(٢) قال الحنفية: إذا تسحر وهو يظن أنه ليل، فإذا الفجر طالع، فإنه يجب عليه القضاء، قال الزيلعي الحنفي: "لأنه مضمون عليه بالمثل، كما في المريض والمسافر، ولا تجب عليه الكفارة لقصور الجناية لعدم القصد". فإذا لم يستبن الأمر، لا يجب عليه القضاء، لأن الأصل هو الليل فلا يخرج بالشك. وانظر: تبيين الحقائق (١/ ٣٤١ - ٣٤٢) والمجموع للنووي (٦/ ٣٠٩) والفتاوى الهندية (١/ ١٩٤) والمحلى للمؤلف (٦/ ٢٢٩).
(٣) هو عمرو بن أم مكتوم القرشي، ويقال اسمه عبد الله، وعمرو أكثر وهو ابن قيس بن زائدة بن الأصم، واسم أمه أم مكتوم عاتكة بنت عبد الله، أسلم قديما بمكة، وكان من المهاجرين الأولين، قدم المدينة قبل أن يهاجر النبي - صلى الله عليه وسلم -، وكان يستخلفه النبي - صلى الله عليه وسلم - على المدينة في عامة غزواته، يصلي بالناس، روى عَنْه عبد الله بن الهاد وعبد الرحمن بن أبي ليلى وأبو رزين الأسدي وآخرون. مات في القادسية وقيل بعدها. وحديثه عند أبي داود والنسائي وابن ماجة. انظر: تجريد أسماء الصحابة (١/ ٤١٦) والإصابة (٤/ ٤٩٤ - ٤٩٥) وخلاصة تذهيب التهذيب (ص ٢٨٩).